سفينتهم فتعلق كل انسان منهم بخشبة على أي حال هم قال الرجل على حال شديد قال الحسن حالى أشد من حالهم فالموت بحرى والحياة سفينتى والذنوب خشبتى فكيف يكون حال من وصفه هذا يا بنى فلا بد من ترك الذنوب والفرار الى علام الغيوب وفي الحديث (من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه) تأمل كيف كان جزاء كل مؤمل ما امل واعتبر كيف لم يكرر ذكر الدنيا اشعارا بعدم اعتبارها لخساستها ولان وجودها لعب ولهو فكانه كلا وجود كما قيل
بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديگر كسست
وانظر الى قوله عليه السلام (فهجرته الى ما هاجر اليه) وما تضمن من ابعاد ما سواه تعالى وتدبر ذكر الدنيا والمرأة مع انها منها إذ يشعر بان المراد كل شىء في الدنيا من شهوة او مال واليه يرجع الأكوان وان المراد بالحديث الخروج عن الدنيا بل وعن كل شىء لله تعالى: قال الحافظ
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنگ تعلق پذيرد آزادست
يعنى عن كل شىء يقبل التعلق من المال والمنال والأولاد والعيال فلا بد من التعلق بمحبة الملك المتعال وفي التأويلات النجمية أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ الاشارة في تحقيق الآيتين ان الله تعالى شبه حال متمنى هذا الحديث واشتغالهم بالذكر وتتبع القرآن في البداية وتجلدهم في الطلب وما يفتح لهم من الغيب الى ان تظهر النفس الملالة وتقع في آفة الفترة والوقفة بحال من يكون فى المفازة سائرا في ظلمة الليل والمطر وشبه الذكر والقرآن بالمطر لانه ينبت الايمان والحكمة فى القلب كما ينبت الماء البقلة فِيهِ ظُلُماتٌ اى مشكلات ومتشابهات تظهر لسالك الذكر في أثناء السلوك ومعان دقيقة لا يمكن حلها وفهمها والخروج عن عهدة آفاتها الا لمن كان له عقل
منور بنور الايمان مؤيد بتأييد الرحمن كما قال تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ فكما ان السير لا يمكن في الظلمات الا بنور السراج كذلك لا يمكن السير في حقائق القرآن ودقائقه ولا في ظلمات البشرية الا بنور هداية الربوبية ولهذا قال تعالى كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ يعنى نور الهداية وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا يعنى ظلمة البشرية وَرَعْدٌ اى خوف وخشية ورهبة تتطرق الى القلوب من هيبة جلال الذكر والقرآن كما قال تعالى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَبَرْقٌ وهو تلألؤ أنوار الذكر والقرآن يهتدى الى القلوب فتلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله فيظهر فيها حقيقة القرآن والدين فيعرفها القلوب لقوله تعالى وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ
الآية ولما لاح لهم أنوار السعادة خرجوا من ظلمات الطبيعة وتمسكوا بحبل الارادة لينالوا درجات الفائزين ولكن يجعلون أصابعهم اى أصابع آمالهم الفاسدة وأمانيهم الباطلة فِي آذانِهِمْ الواعية مِنَ الصَّواعِقِ ودواعى الحق حَذَرَ من الْمَوْتِ موت النفس لان النفس سمكة حياتها بحر الدنيا وماء الهوى لو أخرجت لماتت في الحال وهذا تحقيق قوله عليه السلام (موتوا قبل ان تموتوا) وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ فيه اشارة الى ان الكافر الذي له حياة طبيعية حيوانية لو مات بالارادة من مألوفات الطبيعة لكان احياء الله تعالى بانوار الشريعة كما قال تعالى أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ