بل من ضميرهم فى الخبر وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا من أحوالهم من حال النفاق بإتيان ما حسنه الشرع من افعال القلوب والجوارح وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ اى وثقوا به وتمسكوا بدينه وتوحيده وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ اى جعلوه خالصا لِلَّهِ لا يبتغون بطاعتهم الا وجهه فَأُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الصفات الحميدة مَعَ الْمُؤْمِنِينَ اى المؤمنين المعهودين الذين لا يصدر عنهم نفاق أصلا والا فهم ايضا مؤمنون اى معهم فى الدرجات العالية من الجنة لا يضرهم النفاق السابق وقد بين ذلك بقوله تعالى وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً لا يقادر قدره فيشاركونهم فيه ويساهمونهم وسوف كلمة ترجئة واطماع وهى من الله سبحانه إيجاب لانه أكرم الأكرمين ووعد الكريم انجاز وانما حذفت الياء من يؤتى فى الخط كما حذفت فى اللفظ لسكونها وسكون اللام فى اسم الله وكذلك سندع الزبانية ويدع الداع. واعلم ان الكافر وان أفسد برين الكفر صفاء روحه ولكن ما أضيف الى رين كفره رين النفاق فكان لرين كفره منفذ من القلب الى اللسان فيخرج بخاره من لسانه بإظهار الكفر وكان للمنافق مع رين كفره رين النفاق زائدا ولم يكن لبخار رينه منفذ الى لسانه فكان بخارات رين الكفر ورين النفاق تنفذ من منفذ قلبه الذي هو الى عالم الغيب فتراكم حتى انسد منفذ قلبه بها وختم عليه بإفساد كلية الاستعداد من صفاء الروحانية فلم يتفق له الخروج عن هذا الأسفل ولا ينصره نصير بإخراجه لانه محذول بعيد من الحق فى آخر الصفوف وقال تعالى إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ يعنى فى خلق أرواحكم فى صف أرواح المؤمنين فَلا غالِبَ لَكُمْ بان يردكم الى صف أرواح الكافرين وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ بان يخلق أرواحكم فى صف أرواح الكافرين فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ بان يخرجكم الى صف المؤمنين ثم استثنى منهم من كان كفره ونفاقه عارية وروحه فى اصل الخلقة خلقت فى صف المؤمنين ثم بأدنى مناسبة فى المحاذاة بين روحه وأرواح الكافرين والمنافقين ظهر عليه من نتائجها موالاة معلولة من القوم أياما معدودة فما أفسدت صفاء روحانيته بالكلية وما انسد منفذ قلبه الى عالم الغيب فهب له من مهب العناية نفحات الطاف الحق ونبه من نومة الغفلة ونبئ بالرجوع الى الحق بعد التمادي فى الباطل ونودى فى سره بان لا نصير لمن اختار الأسفل ولا يخرج منه إِلَّا الَّذِينَ تابُوا اى ندموا على ما
فعلوا ورجعوا عن تلك المعاملات الرديئة وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا من حسن الاستعداد وصفاء الروحانية بترك الشهوات النفسانية والحظوظ الحيوانية وَاعْتَصَمُوا حبل اللَّهُ استعانة على العبودية وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فى الطلب لا يطلبون منه الا هو ثم قال من قام بهذه الشرائط فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يعنى فى صف أرواحهم خلق روحه لا فى صف أرواح الكافرين وسوف يؤتى الله المؤمنين التأبين ويتقرب إليهم على قضية من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب الى ذراعا تقربت اليه باعا ومن أتاني يمشى أتيته اهرول وهذا هو الذي سماه أَجْراً عَظِيماً والله العظيم كذا فى التأويلات النجمية: قال السعدي قدس سره
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمننا كنند از خدا جز خدا