تام العقل وفى الحديث (الذكاة ما بين اللبة واللحيين) فعلى هذا اللحم القديد الذي يجيئ الى دار الإسلام من دار افلاق لا يجوز أكله لانهم يضربون رأس البقر ونحوه بفأس ومثله فيموت فلا توجد الذكاة وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ النصب واحد الأنصاب وهى أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة قال الامام من الناس من قال النصب هى الأوثان وهذا بعيد لان هذا معطوف على قوله وما اهل لغير الله به وذلك هو الذبح على اسم الأوثان ومن حق المعطوف ان يكون مغايرا للمعطوف عليه. وقال ابن جريج النصب ليست بأصنام فان الأصنام أحجار مصورة منقوشة وهذه النصب أحجار كانوا نصبوها حول الكعبة وكانوا يذبحون عندها للاصنام وكانوا يلطخونها بتلك الدماء ويضعون اللحوم عليها فقال المسلمون يا رسول الله كان اهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم ونحن أحق ان نعظمه وكان عليه السلام لم يكره ذلك فانزل الله تعالى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها الى هنا كلام الامام وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ جمع زلم وهو القدح اى وحرم عليكم الاستقسام بالقداح وذلك انهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة قداح مكتوب على أحدها أمرني ربى وعلى الآخر نهانى ربى والثالث غفل اى خال عن الكتابة فان خرج الأمر مضوا على ذلك وان خرج الناهي اجتنبوا عنه وان خرج الغفل اجالوها ثانيا فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم بواسطة ضرب القداح وقيل هو استقسام الجزور بالقداح على الأنصباء المعلومة اى طلب معرفة كيفية قسمة الجزور وقد تقدم تفصيله عند تفسير قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فى سورة البقرة ذلِكُمْ اشارة الى الاستقسام بالأزلام فِسْقٌ اى تمرد وخروج عن الحد ودخول فى علم الغيب وضلال باعتقاد انه طريق اليه وافتراء على الله سبحانه ان كان هو المراد بقولهم ربى وشرك وجهالة ان كان هو الصنم. فظاهر هذه الآية يقتضى ان العمل على قول المنجمين لا تخرج من أجل نجم كذا واخرج من أجل نجم كذا فسق لان ذلك دخول فى علم الغيب ولا يعلم الغيب الا الله كذا فى تفسير الحدادي. واعلم ان استعلام الغيب بالطريق الغير المشروع كاستعلام الخير والشر من الكهنة والمنجمين منهى عنه بخلاف
استعلام الغيب بالاستخارة بالقرآن وبصلاة الاستخارة ودعائها وبالنظر والرياضة لانه استعلام بالطريق المشروع وان طلب ما قسم له من الخير ليس منهيا عنه مطلقا بل المنهي عنه هو الاستقسام بالأزلام وفى الحديث (العيافة والطرق والطيرة من الجبت) والمراد بالطرق الضرب بالحصى وفى الحديث (من تكهن او استقسم او تطير طيرة ترده من سفره لم ينظر الى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة) الْيَوْمَ اللام للعهد والمراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الازمنة الماضية والآتية ونظيره قولك كنت بالأمس شابا واليوم قد صرت شيخا فانك لا تريد بالأمس اليوم الذي قبل يومك ولا باليوم اليوم الذي أنت فيه. وقيل أراد يوم نزولها وقد نزلت بعد عصر يوم الجمعة يوم عرفة حجة الوداع والنبي عليه السلام واقف بعرفات على العضباء فكادت عضد الناقة تندق لثقلها فبركت وأياما كانت فهو منصوب على انه ظرف لقوله تعالى يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ اى من ابطالكم إياه ورجوعكم عنه بان تحللوا هذه الخبائث بعد ان جعلها الله محرمة او من ان يغلبوكم عليه لما شاهدوا