بول منتقع ولا تبولنّ فى مغتسلك) وفى الاغتسال منافع بدنية وفوائد دينية. منها مخالفة الكفار فانهم لا يغتسلون وازالة الدنس والابخرة الرديئة النفسانية التي تورث بعض الأمراض وتسكين حرارة الشهوات الطبيعية. قال الشيخ النيسابورى فى كتاب اللطائف فوائد الطهارة عشر طهارة الفؤاد وهو صرفه عما سوى الله تعالى. وطهارة السر المشاهدة. وطهارة الصدر الرجاء والقناعة. وطهارة الروح الحياء والهيبة. وطهارة البطن أكل الحلال والعفة عن أكل الحرام والشبهات. وطهارة البدن ترك الشهوات وازالة الأدناس. وطهارة اليدين الورع والاجتهاد. وطهارة اللسان الذكر والاستغفار. قال الثعلبي فى تفسير هذه الآية قال على رضى الله عنه اقبل عشرة من أحبار اليهود فقالوا يا محمد لماذا امر الله بالغسل من الجنابة ولم يأمر من البول والغائط وهما أقذر من النطفة فقال صلى الله عليه وسلم (ان آدم لما أكل من الشجرة تحول فى عروقه وشعره فاذا جامع الإنسان نزل من اصل كل شعرة فافترضه الله علىّ وعلى أمتي تطهيرا وتكفيرا وشكرا لما أنعم الله عليهم من اللذة التي يصيبونها) قال فى بدائع الصنائع فى احكام الشرائع انما وجب غسل جميع البدن بخروج المنى ولم يجب بخروج البول والغائط وانما وجب غسل الأعضاء المخصوصة لا غير لوجوه. أحدها ان قضاء الشهوة بانزال المنى استمتاع بنعمة يظهر اثرها فى جميع البدن وهى اللذة فامر بغسل جميع البدن شكرا لهذه النعمة وهذا لا يتقدر فى البول والغائط. والثاني ان الجنابة تأخذ جميع البدن ظاهره وباطنه لان الوطء الذي هو سببها لا يكون الا باستعمال جميع ما فى البدن من القوة حتى يضعف الإنسان بالإكثار منه ويقوى بالامتناع عنه واذن أخذت الجنابة جميع البدن الظاهر والباطن بقدر الإمكان ولا كذلك الحدث فانه لا يأخذ الا الظاهر من الأطراف لان سببه يكون بظواهر الأطراف من الاكل والشرب ولا يكون باستعمال جميع البدن فاوجب غسل ظاهر الأطراف لا سائر البدن. والثالث ان غسل الكل او البعض وجب وسيلة الى الصلاة التي هى خدمة الرب سبحانه والقيام بين يديه وتعظيمه فيجب ان يكون المصلى على اطهر الأحوال وانظفها ليكون اقرب الى التعظيم وأكمل فى الخدمة وكمال تعظيم النظافة يحصل بغسل جميع البدن وهذا هو العزيمة فى الحدث ايضا الا ان ذلك مما يكثر وجوده فاكتفى منه بأكثر النظافة وهى تنقية الأطراف التي تنكشف كثيرا ويقع عليها الابصار ابدا وأقيم ذلك مقام غسل كل البدن دفعا للحرج وتيسيرا وفضلا من الله ورحمة ولا حرج فى الجنابة لانها لا تكثر فبقى الأمر فيها على العزيمة انتهى كلام البدائع هذا غسل الحي.
واما غسل الميت فشريعة ماضية لما روى ان آدم عليه السلام لما قبض نزل جبريل بالملائكة وغسلوه وقالوا لأولاده هذه سنة موتاكم وفى الحديث (للمسلم على المسلم ستة حقوق ومن جملتها ان يغسله بعد موته) ثم هو واجب عملا بكلمة على ولكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود وأريد بالسنة فى حديث آدم الطريقة ولو تعين واحد لغسله لا يحل له أخذ الاجرة عليه وانما وجب غسل الميت لانه تنجس بالموت كسائر الحيوانات الدموية الا انه يطهر بالغسل كرامة له ولو وجد ميت فى الماء فلا بد من غسله لان الخطاب بالغسل توجه لبنى آدم ولم يوجد منهم