الحق بالربوبية والواحدية بان لا موجود الا هو ولا وجود الا له ولا مطلوب ولا محبوب الا هو وسماه البيت الحرام ليعلم انه بيت الله على الحقيقة وحرام ان يسكن فيه غيره فيراقبه عن ذكر ما سوى الحق وحبه وطلبه الى ان يفتح الله أبواب فضله ورحمته والشهر الحرام هو ايام الطلب والسير الى الله حرام على الطالب فيها مخالطة الخلق وملاحظة ما سوى الحق والهدى هو النفس البهيمية تساق الى كعبة القلب مع القلائد وهى اركان الشريعة فتذبح على عتبة القلب بسكين آداب الطريقة عن شهواتها ولذاتها الحيوانية وفى قوله تعالى ذلِكَ لِتَعْلَمُوا الآية اشارة الى ان العبد إذا وصل الى كعبة القلب فيرى بيت الله ويشاهد أنوار الجمال والجلال فبتلك الأنوار يشاهد ما فى السموات وما فى الأرض لانه ينظر بنور الله فيعلم على التحقيق أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ يسدل الحجاب لغير الأحباب ممن ركنوا الى الدنيا واغتروا بزينتها وشهواتها وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لطالبيه وقاصدى حضرته بفتح الأبواب ورفع الحجاب ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ بالقال والحال وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ من الايمان باقدار اللسان وعمل الأركان وَما تَكْتُمُونَ من تصديق الجنان او التكذيب وصدق التوجه وخلوص النية فى طلب الحق كذا فى التأويلات النجمية قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ نزلت فى حجاج اليمامة لما هم المسلمون ان يوقعوا بهم بسبب انه كان فيهم الحطيم وقد اتى المدينة فى السنة السابقة واستاق سرح المدينة فخرج فى العام القابل وهو عام عمرة القضاء حاجا فبلغ ذلك اصحاب السرح فقالوا للنبى عليه السلام هذا الحطيم خرج حاجا مع حجاج اليمامة فخل بيننا وبينه فقال عليه السلام (انه قلد الهدى) ولم يأذن لهم فى ذلك بسبب استحقاقهم الا
من بتقليد الهدايا فنزلت الآية تصد يقاله عليه السلام فى نهيه إياهم عن تعرض الحجاج وان كانوا مشركين وقد مضت هذه القصة فى أول السورة عند قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ الآية وبقي حكم هذه الآية الى ان نزلت سورة البراءة فنسخ بنزولها لانه قد كان فيها إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وفيها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فنسخ حكم الهدى والقلائد والشهر الحرام والإحرام وامنهم بها بدون الإسلام وسبب النزول وان كان خاصا لكن حكمه عام فى نفى المساواة عند الله بين الردى وبين الجيد ففيه ترغيب فى الجيد وتحذير عن الردى ويتناول الخبيث والطيب أمورا كثيرة. فمنها الحرام والحلال فمثقال حبة من الحلال أرجح عند الله من ملىء الدنيا من الحرام لان الحرام خبيث مردود والحلال طيب مقبول فهما لا يستويان ابدا كما ان طالبهما كذلك إذا طالب الخبيث خبيث وطالب الطيب طيب والله تعالى يسوق الطيب الى الطيب كما انه يسوق الخبيث الى الخبيث كما قال الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ والطيب عند سادات الصوفية قدس الله أسرارهم ما كان بلا فكر وحركة نفسانية سواء سيق من طرف صالح او فاسق لانه رزق من حيث لا يحتسب وهو مقبول وخلافه مردود ولا بعد فى هذا لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وبينهما بون بعيد وايضا الخبيث من الأموال ما لم يخرج منها حق الله والطيب ما أخرجت منه