الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر ثم ملائكة اللوح الذين هم أشياع اسرافيل عليه السلام والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام لا يحصى أجناسهم ولا مدة أعمارهم ولا كيفيات عبادتهم الا باريهم العليم الخبير على ما قال تعالى وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وروى انه صلى الله عليه وسلم حين عرج به الى السماء رأى ملائكة في موضع بمنزلة شرف يمشى بعضهم تجاه بعض فسأل رسول الله جبريل عليهما السلام الى اين يذهبون فقال جبريل عليه السلام لا أدرى الا انى أراهم منذ خلقت ولا ارى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ثم سألا واحدا منهم منذكم خلقت فقال لا أدرى غير ان الله تعالى يخلق في كل اربعة آلاف سنة كوكبا وقد خلق منذ ما خلقنى اربعمائة الف كوكب فسبحانه من آله ما أعظم قدره وما أوسع ملكوته وأراد بهم الملائكة الذين كانوا في الأرض وذلك ان الله خلق السماء والأرض وخلق الملائكة والجن فاسكن
الملائكة السماء واسكن الجن الأرض والجن هم بنوا الجان والجان ابو الجن كآدم ابو البشر وخلق الله الجان من لهب من نار لا دخان لها بين السماء والأرض والصواعق تنزل منها ثم لما سكنوا فيها كثر نسلهم وذلك قبل آدم بستين الف سنة فعمروا دهرا طويلا في الأرض مقدار سبعة آلاف سنة ثم ظهر فيهم الجسد والبغي فافسدوا وقتلوا فبعث الله إليهم ملائكة سماء الدنيا وامر عليهم إبليس وكان اسمه عزازيل وكان أكثرهم علما فهبطوا الى الأرض حتى هزموا الجن وأخرجوهم من الأرض الى جزائر البحور وشعوب الجبال وسكنوا الأرض وصار امر العبادة عليهم أخف لان كل صنف من الملائكة يكون ارفع في السموات يكون خوفهم أشد وملائكة السماء الدنيا يكون أمرهم أيسر من الذين فوقهم واعطى الله إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة وكان له جناحان من زمرد أخضر وكان يعبد الله تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب فقال في نفسه ما أعطاني الله هذا الملك الا لانى أكرم الملائكة عليه وايضا كل من اطمأن الى الدنيا امر بالتحول عنها فقال الله تعالى له ولجنوده إِنِّي جاعِلٌ اى مصير فِي الْأَرْضِ دون السماء لان التباغي والتظالم كان في الأرض خَلِيفَةً وهو آدم عليه السلام لانه خلف الجن وجاء بعدهم ولانه خليفة الله في ارضه اى أريد ان اخلق في الأرض بدلا منكم ورافعكم الى فكرهوا ذلك لانهم كانوا أهون الملائكة عبادة واعلم ان الله تعالى يحفظ العالم بالخليفة كما يحفظ الخزائن بالختم وهو القطب الذي لا يكون في كل عصر الا واحدا فالبدء كان بآدم عليه السلام والختام يكون بعيسى عليه السلام والحكمة في الاستخلاف قصور المستخلف عليه عن قبول فيضه وتلقى امره بغير واسطة لان المفيض تعالى في غاية التنزه والتقدس والمستفيض منغمس غالبا في العلائق الدنيئة كالاكل والشرب وغيرهما والعوائق الطبيعية كالاوصاف الذميمة فالاستفاضة منه انما تحصل بواسطة ذى جهتين اى ذى جهة التجرد وجهة التعلق وهو الخليفة أيا كان ولذا لم يستنبئ الله ملكا فان البشر لا يقدر على الاستفادة منه لكونه خلاف جنسه ألا يرى ان العظم لما عجز عن أخذ الغذاء من اللحم لما بينهما من التباعد جعل الله تعالى بحكمته بينهما الغضروف المناسب لهما ليأخذ من اللحم ويعطى العظم وجعل السلطان الوزير بينه وبين رعيته إذ هم اقرب الى قبولهم منه وجعل