للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى

صريح فى الدلالة على السبق على المسمى قلت تعدد الاجل انما هو بالنسبة إلينا واما بالنسبة اليه تعالى فهو واحد قطعا تحقيقه انه تعالى عالم فى الأزل كل الموجودات ومقدر لها حسبما شمله علمه فهو يقول فى الأزل مثلا ان فلانا ان اتقى وأطاع يبلغ الى اجله المسمى والمراد بالأجل هاهنا الاجل الثاني الأطول ووصفه بالمسمية ليس للتخصيص لان الاجل المسمى على كل حال وان لم يتق ولم يطع لم يبلغ هذه المرتبة لكن يعلم انه يفعل أحد الفعلين معينا فيقدر له الاجل المعين فيكون المقدر فى علم الله الاجل المعين وانا لعدم اطلاعنا فى علم الله تعالى لم نعلم ان ذلك الفلان أي الفعلين فعل وأيما الأجلين قضى له فاذا فعل أحدهما المعين وحل الاجل المرتب عليه علمنا ان ذلك هو المقدر المسمى فالتردد بالنسبة إلينا لا فى التقدير والا يلزم ان لا يكون علم الله تعالى بما فعل العبد قبل الوقوع وعلى هذا قول الله للكافر اسلم تدخل الجنة ولا تكفر تدخل النار مع علمه وتقديره عدم إسلامه فى

الأزل والأمر والنهى لاظهار الاطاعة او المخالفة فى الظاهر كمن يريد اظهار عدم إطاعة عبده له للحاضرين فيأمره بشىء وهو يعلم انه لا يفعله والعلم بعدم الاطاعة للحاضرين المترددين انما يحصل بامره وكذا صورة الطاعة وجميع المقدرات الالهية من افعال العباد الاختيارية من هذا القبيل فظهر ان التردد بالنسبة إلينا دون علم الله الا ان يطلعنا عليه باخباره الواقع فى علمه كما اطلع نبيه عليه السلام على بعض ما وقع من حال الكفار فى زمانه بقوله أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وقوله خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ فهذا اخبار بما فى علمه من انهم لا يختارون الايمان هذا غاية ما يقال فى هذا المقام والعلم عند الله الملك العلام ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ استبعاد لامترائهم فى البعث بعد ما تبين انه تعالى خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم الى آجالهم فان من قدر على خلق المواد وجمعها وإبداع الحياة فيها وابقائها ما يشاء كان اقدر على جمع تلك المواد وإحيائها ثانيا والمرية هى الشك المجتلب بالشبهة أصلها من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها ليدر لبنها للحلب والمري استخراج اللبن من الضرع قال ابو السعود وصفهم بالامتراء الذي هو الشك وتوجيه الاستبعاد اليه مع انهم جازمون بانتفاء البعث مصرون على إنكاره كما ينبىء عنه قولهم أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ونظائره للدلالة على ان جزمهم المذكور فى أقصى مراتب الاستبعاد والاستنكار واعلم ان الإنسان وقت كونه نطفة ينكر صبرورته بشرا سويا فى الزمان الآتي وعند تصوره بصورة البشر يلزمه الحجة فانكاره الحشر انكار عين ما كان فيه: وفى المثنوى

پس مثال تو چوآن حلقه زنيست ... كز درونش خواجه گويد خواجه نيست

حلقه زن زين نيست در يابد كه هست ... پس ز حلقه بر ندارد هيچ دست

پس هم انكارت مبيّن ميكند ... كز جماد او حشر صدفن ميكند

والاشارة ثُمَّ ان الله تعالى قَضى للروح من حكمته أَجَلًا لايام فراقه عن الحضرة وبعده عن وطنه الحقيقي وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ وهو أجل الوصلة بعد الفرقة فى مقام العندية كقوله فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>