فرجع جبريل عليه السلام الى مكانه ولم يأخذ منها شيأ فقال يا رب حلفتنى الأرض باسمك العظيم فكرهت ان اقدم عليها فارسل الله ميكائيل عليه السلام فلما انتهى إليها قالت الأرض له كما قالت لجبريل فرجع ميكائيل فقال كما قال جبريل فارسل الله اسرافيل عليه السلام وجاء ولم يأخذ منها شيأ وقال مثل ما قال جبريل وميكائيل فارسل الله ملك الموت فلما انتهى قالت الأرض أعوذ بعزة الله الذي أرسلك ان تقبض منى اليوم قبضة يكون للنار فيها نصيب غدا فقال ملك الموت وانا أعوذ بعزته ان اعصى له امرا فقبض قبضة من وجه الأرض مقدار أربعين ذراعا من زواياها الأربع فلذلك يأتى بنوه اخيافا اى مختلفين على حسب اختلاف ألوان الأرض وأوصافها فمنهم الأبيض والأسود والأحمر واللين والغليظ فصار كل ذرة من تلك القبضة اصل بدن للانسان فاذا مات يدفن في الموضع الذي أخذت منه ثم صعد الى
السماء فقال الله له أما رحمت الأرض حين تضرعت إليك فقال رأيت أمرك أوجب من قولها فقال أنت تصلح لقبض أرواح ولده قال فى روضة العلماء فشكت الأرض الى الله تعالى وقالت يا رب نقص منى قال الله على ان أرد إليك احسن وأطيب مما كان فمن ثمه يحنط الميت بالمسك والغالية انتهى فامر الله تعالى عزرائيل فوضع ما أخذ من الأرض في وادي نعمان بين مكة والطائف بعد ما جعل نصف تلك القبضة في النار ونصفها فى الجنة فتركها الى ما شاء الله ثم أخرجها ثم أمطر عليها من سحاب الكرم فجعلها طينا لازبا وصور منه جسد آدم واختلفوا في خلقة آدم عليه السلام فقيل خلق في سماء الدنيا وقيل في جنة من جنات الأرض بغربيتها كالجنة التي يخرج منها النيل وغيره من الأنهار واكثر المفسرين انه خلق في جنة عدن ومنها اخرج كما في كشف الكنوز وفي الحديث القدسي (خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا) يعنى أربعين يوما كل يوم منه الف عام من أعوام الدنيا فتركه أربعين سنة حتى يبس وصار صلصالا وهو الطين المصوت من غاية يبسه كالفخار فامطر عليه مطر الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم أمطر عليه مطر السرور سنة واحدة فلذلك كثرت الهموم في بنى آدم ولكن يصير عاقبتها الى الفرح كما قيل ان لكل بداية نهاية وان مع العسر يسرا
ان مع العسر چويسرش قفاست ... شاد برانم كه كلام خداست
وكانت الملائكة يمرون عليه ويتعجبون من حسن صورته وطول قامته لان طوله كان خمسمائة ذراع الله اعلم بأى ذراع وكان رأسه يمس السماء ولم يكونوا رأوا قبل ذلك صورة تشابهها فمر به إبليس فرآه ثم قال لامر ما خلقت ثم ضربه بيده فاذا هو أجوف فدخل فيه وخرج من دبره وقال لاصحابه الذين معه من الملائكة هذا خلق أجوف لا يثبت ولا يتماسك ثم قال لهم أرأيتم ان فضل هذا عليكم ما أنتم فاعلون قالوا نطيع ربنا فقال إبليس في نفسه والله لا أطيعه ان فضل على ولئن فضلت عليه لأهلكنه عاقبت كرك زاده كرك شود وجمع بزاقه في فمه وألقاه عليه فوقع بزاق اللعين على موضع سرة آدم عليه السلام فامر الله جبريل فقور بزاق اللعين من بطن آدم فحفرة السرة من تقوير جبريل وخلق الله من تلك القوارة كلبا وللكلب ثلاث خصال فانسه بآدم لكونه من طينه وطول سهره في الليالى من أثر مس جبريل عليه السلام وعضه الإنسان وغيره وأذاه من غير خيانة من اثر بزاق اللعين وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة