حتى انزعه من كبدك وحدقتك او باسطوها بالعذاب قائلين أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ اى أرواحكم إلينا من أجسادكم وهذا القول منهم تغليظ وتعنيف والا فلا قدرة لهم على الإخراج المذكور او اخر جوها من العذاب وخلصوها من أيدينا الْيَوْمَ اى وقت الاماتة او الوقت الممتد بعده الى ما لا نهاية له تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ اى العذاب المتضمن لشدة واهانة والهون الهوان اى الحقارة بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ كاتخاذ الولد ونسبة الشريك وادعاء النبوة والوحى كذبا وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون بها وفى الحديث (ان المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر من الريحان وتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ويقال لها أيتها النفس الطيبة اخرجى راضية مرضية ومرضيا عنك الى روح الله وكرامته فاذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليها الحريرة وبعث بها الى عليين
وان الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعا شديدا ويقال لها أيتها النفس الخبيثة اخرجى ساخطة ومسخوطا عليك الى هو ان الله وعذابه فاذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة وان لها نشيجا اى صوتا ويطوى عليها المسح ويذهب بها الى سجين) كذا فى تفسير ابى الليث رحمه الله والاشارة ان الذين يراؤن فى التأوه والزعقات واظهار المواجيد والحالات لهم من الله خطرات ونظرات وليس لهم منها نصيب الا الزفرات والحسرات والمتشبع بما لم يملك كلابس ثوبى زور وفى معناه انشدوا
إذا انسكبت دموع فى خدود ... تبين من بكى ممن تباكى
والذي نزل نفسه منزلة المحدثين واهل الاشارة ولم يلق الى أسرارهم خصائص الخطاب ولم تلهم نفوسهم بها والذين يتشدقون ويتفيهقون فى الكلام الذين يدعون انهم يتكلمون بمثل ما انزل الله من الحقائق والاسرار على قلوب عباده الواصلين الكاملين فكلهم من الظالمين وتظهر مضرة ظلمهم وافترائهم عند انقطاع تعلق الروح عن البدن وإخراج النفس من القالب كرها لتعلقها بشهوات الدنيا ولذاتها وحرمانها من لذة الحقائق الغيبية والشهوات الاخروية إذ الملائكة يبسطون أيديهم بالقهر إليهم لنزع أنفسهم بالهوان والشدة وهى متعلقة بحسب الافتراء والكذب واستحلاء رفعة المنزلة عند الخلق وطلب الرياسة بأصناف المخلوقات فتكون شدة النزع والهوان بقدر تعلقها بها كما قال الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ يعنى آياته المودعة فى أنفسكم تعرضون عنها وتراؤن بما ليس لكم ولعل تعلق النفس يتقطع عن البدن بيوم او يومين او ثلاثة ايام وتعلقها عن أوصاف المخلوقات لا ينقطع بالسنين ولعله الى الحشر والكفار الى الابد وهم فى عذاب النزع بالشدة ابدا وهو العذاب الأليم والعذاب الشديد ومن نتائج هذه الحالة عذاب القبر فافهم جدا- وحكى- عن بعض العصاة انه مات فلما حفروا قبره وجدوا فيه حية عظيمة فحفروا له قبرا آخر فوجدوها فيه ثم كذلك قبرا بعد قبر الى ان حفروا نحوا من ثلاثين قبرا وفى كل قبر يجدونها فلما رأوا انه لا يهرب من الله هارب ولا يغلب الله غالب دفنوه معها وهذه الحية هى عمله: قال الحافظ