للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى فى قصة نوح عليه السلام انه بعث الحمامة من السفينة لتأتيه بخبر الأرض ووقعت بوادي الحرم فاذا الماء قد نضب من موضع الكعبة وكانت طينتها حمراء فاختضبت رجلها ثم جاءته فمسح عنقها وطوّقها طوقا ووهب لها الحمرة فى رجليها وأسكنها الحرم ودعالها بالبركة. وذكر ان حمام مكة أظلته عليه السلام يوم فتحها فدعا لها بالبركة. وكان المسيح عليه السلام يقول لاصحابه ان استطعتم ان تكونوا بلها فى الله مثل الحمام فافعلوا وكان يقال انه ليس شىء ابله من الحمام انك تأخذ فرخه من تحته فتذبحه ثم يعود الى مكانه ذلك فيفرخ فيه ومن طبعه انه يطلب وكره ولو أرسل من الف فرسخ يحمل الاخبار ويأتى بها من المسافة البعيدة فى المدة القريبة كما قال فى المغرب الحمام بأرض العراق والشام تشترى باثمام غالية وترسل من الغايات البعيدة بكتب الاخبار فتؤديها وتعود بالاجوبة قال الجاحظ لولا الحمام لما عرف بالبصرة ما حدث بالكوفة فى بياض يوم واحد واليه الاشارة فى اشعار البلغاء: كما قال المولى جلال الدين قدس سره فى المثنوى

رقعه كر بر پرّ مرغى دوختى ... پرّ مرغ از تفّ رقعه سوختى

: قال السلطان سليم الاول يعنى فاتح مصر

مرغ چشم من كه پروازش بجز سوى تو نيست ... بسته أم از أشك صد جا نامه شوقش ببال

وقال فى حياة الحيوان اتخاذ الحمام للبيض والفراخ وللانس ولحمل الكتب جائز بلا كراهة واما اللعب بها والتطير والمسابقة فقيل يجوز لانه يحتاج إليها فى الحرب لنقل الاخبار والأصح كراهيته فان قامر بالحمام ردت شهادته ولما فقد المشركون رسول الله شق عليهم ذلك وخافوا وطلبوه بمكة أعلاها وأسفلها وبعثوا القافة اى الذين يقفون الأثر فى كل وجه ليقفوا اثره فوجد الذي ذهب الى جبل ثور وهو علقمة بن كرز اسلم عام الفتح اثره انتهى الى الغار فقال هاهنا انقطع الأثر ولا أدرى أخذ يمينا أم شمالا أم صعد الجبل وكان عليه السلام شثن الكفين والقدمين يقال شثنت كفه شثنا وشثونة خشنت وغلظت فهو شثن الأصابع بالفتح كذا فى القاموس فاقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وسيوفهم فلما انتهوا الى فم الغار قال قائل منهم ادخلوا الغار فقال امية بن خلف وما اربكم اى حاجتكم الى الغار ان عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد ولو دخل لما نسج ذلك العنكبوت وتكسر البيض وعند ما حاموا حول الغار حزن ابو بكر رضى الله عنه خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى إِذْ يَقُولُ بدل ثان او ظرف ثان والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لِصاحِبِهِ وهو أبو بكر الصديق رضى الله عنه ولذلك قالوا من أنكر صحبة ابى بكر فقد كفر لانكاره كلام الله تعالى وكذا الروافض إذا كانوا يسبون الشيخين اى أبا بكر وعمر رضى الله عنهما ويلعنونهما يكفرون وإذا كانوا يفضلون عليا عليهما يكونون مبتدعين والمبتدع صاحب الكبيرة والبدعة الكبيرة كما فى هدية المهديين وعن ابى بكر رضى الله عنه انه قال لجماعة أيكم يقرأ سورة التوبة قال رجل انا اقرأ فلما بلغ الى قوله إذ يقول لصاحبه الآية بكى رضى الله عنه وقال انا والله صاحبه لا تَحْزَنْ ولم يقل لا تخف لان حزنه على رسول

الله يغفله عن حزنه

<<  <  ج: ص:  >  >>