على نفسه وهذا النهى تأنيس وتبشير له كما فى قوله تعالى له عليه السلام وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ وبه يرد ما زعمته الرافضة ان ذلك كان غضبا من ابى بكر وذماله لان حزنه ان كان طاعة فالنبى عليه السلام لا ينهى عن الطاعة فلم يبق الا انه معصية كذا فى انسان العيون إِنَّ اللَّهَ مَعَنا بالعون والعصمة والمراد بالمعية الولاية التي لا تحوم حولها شائبة من الحزن وما هو المشهور من اختصاص مع بالمتبوع فالمراد ما فيه من المتبوعية فى الأمر المباشر وتأمل الفرق بين قوله عليه السلام إِنَّ اللَّهَ مَعَنا وبين قول موسى عليه السلام إِنَّ مَعِي رَبِّي كيف تجده دقيقا والله الهادي- روى- ان المشركين لما طلعوا فوق الغار وعلوا على رؤسهما اشفق ابو بكر على رسول الله عليه السلام فقال عليه السلام (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) فاعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه وذكر ان أبا بكر لما قال للنبى عليه السلام لو ان أحدهم نظر الى قدميه لا بصرنا قال له النبي عليه السلام (لو جاؤنا من هاهنا لذهبنا من هاهنا) فنظر الصديق الى الغار فاذا هو قد انفرج من الجانب الآخر وإذا البحر قد اتصل به وسفينة مشدودة الى جانبه قال ابن كثير وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة وفى الآية دلالة على علو طبقة الصديق وسابقة صحبته وهو ثانى رسول الله فى عالم الأرواح حين خرج من العدم وثانيه حين خرج مهاجرا وثانيه فى الغار وثانيه فى الخلافة وثانية فى القبر بعد وفاته وثانيه فى انشقاق الأرض عنه يوم البعث وثانيه فى دخول الجنة كما قال عليه السلام (اما انك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي) وقال ايضا (ألا أبشرك) قال بلى بابى أنت وأمي قال (ان الله عز وجل يتجلى للخلائق يوم القيامة ويتجلى لك خاصة) - وروى- ان أبا بكر عطش فى الغار فقال عليه السلام (اذهب الى صدر الغار فاشرب فانطلق ابو بكر الى صدر الغار فوجد ماء احلى من العسل وابيض من اللبن واذكى رائحة من المسك فشرب منه فقال عليه السلام (ان الله امر الملك الموكل بانهار الجنة ان يخرق نهرا من جنة الفردوس الى صدر الغار لتشرب يا أبا بكر) قال أبو بكر يا رسول الله ولى عند الله هذه المنزلة فقال عليه السلام (نعم وأفضل والذي بعثني بالحق نبيا لا يدخل الجنة مبغضك ولو كان عمله عمل سبعين نبيا) فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ أمنته التي تسكن عندها القلوب وقال الكاشفى [رحمت خود را كه سبب آرامش است] عَلَيْهِ اى على النبي عليه السلام فالمراد بها ما لا يحوم حوله شائبة الخوف أصلا او على صاحبه وهو الأظهر إذ هو المنزعج وكان رسول الله ساكنا وعلى طمأنينة من امره واليه أشار الشيخ فريد الدين العطار قدس سره
خواجه أول كه أول يار اوست ... ثانى اثنين إذ هما فى الغار اوست
چون سكينه شد ز حق منزل برو ... كشت مشكلهاى عالم حل برو
وقال سعدى چلبى المفتى فى حواشيه بل الاول هو الأظهر المناسب للمقام وإنزال السكينة لا يلزم ان يكون لرفع الانزعاج بل قد يكون لدفعه كما سبق فى قصة حنين والفاء للتعقيب الذكرى انتهى. وفى مصحف حفصة فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ اى قوّى النبي عليه السلام بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وهم الملائكة النازلون يوم بدر والأحزاب وحنين ليعينوه على العدو