فيها وان كانت ضعيفة الأسانيد فقد اتفق المحدثون على ان الحديث الضعيف يجوز العمل به فى الترغيب والترهيب فقط كما فى الاذكار للنووى وانسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبي والاسرار المحمدية لابن فخر الدين الرومي وغيرها وان كانت موضوعة فقد ذكر الحاكم وغيره ان رجلا من الزهاد انتدب فى وضع الأحاديث فى فضل القرآن وسوره فقيل له فلم فعلت هذا فقال رأيت الناس زهدوا فى القرآن فاحببت ان ارغبهم فيه فقيل له ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) اى فليتخذ يقال تبوأ الدار اتخذها مباءة اى مسكنا ومنزلا ولفظه امر ومعناه خبر يعنى فان الله بوأه مقعده اى موضع قعوده منها فقال انا ما كذبت عليه انما كذبت له كما فى شرح الترغيب والترهيب المسمى بفتح القريب أراد ان الكذب عليه يؤدى الى هدم قواعد الإسلام وإفساد الشريعة والاحكام وليس كذلك الكذب له فانه للحث على اتباع شريعته واقتفاء اثره فى طريقته قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك المقصود مباحا وواجب ان كان ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه انتهى: قال الشيخ سعدى
خردمندان گفته اند دروغ ... مصلحت آميز به از راست فتنه انگيز
: وقال اللطيفى
دروغى كه جان ودلت خوش كند ... به از راستى كان مشوش كند
وبالجملة المرء مخير فى هذا الباب فان شاء عمل بتلك الأحاديث بناء على حسن الظن بالاكابر حيث أثبتوها فى كتبهم خصوصا فى صحف التفاسير الجليلة وظاهر انهم لا يضعون حرفا الا بعد التصفح الكثير وان شاء ترك العمل بها وحرم من منافع جمة ولا محاجة معه وربما يتفق المحدثون على صحة بعض الأحاديث ولا صحة له فى نفس الأمر فان الإنسان مركب من السهو والنسيان وحقيقة العلم عند الله الملك المنان ولذا قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قد يظهر من الخليفة الآخذ الحكم من الله ما يخالف حديثا ما فى الحكم فيتخيل انه من الاجتهاد وليس كذلك وانما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ثبت الحكم به وان كان طريق الاسناد العدل عن العدل فالعدل ليس بمعصوم من الوهم الذي هو مبدأ السهو والنسيان ولا من النقل على المعنى الذي هو مبدأ التأويلات والتحريفات فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم انتهى فهذا كلام حق بلا مرية وليس وراء عبادان قريه بقي هاهنا شىء وهو ان بعض المتقدمين جعل القرآن أثلاثا فالثلث الاول ينتهى عند قوله فى سورة التوبة وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ والثلث الثاني عند قوله فى سورة العنكبوت إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
وعند العامة الثلث الاول ينتهى عند قوله تعالى وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وهو منتهى الجزء العاشر ولعل الاول قول تحقيقي والثاني تقريبى والله اعلم بالصواب