انجائهم من شرورهما ومكارههما. والجملة مستأنفة كأنه قيل هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة فقيل لهم ما يسر هم فى الدارين وتقديم الاول لما ان التخلية سابقة على التحلية. والبشرى مصدر أريد به المبشر به من الخيرات العاجلة كالنصر والفتح والغنيمة وغير ذلك والآجلة الغنية عن البيان والظرفان فى موقع الحال منه والعامل ما فى الخبر من معنى الاستقرار اى لهم البشرى حال كونها فى الحياة الدنيا وحال كونها فى الآخرة اى عاجلة وآجلة او من الضمير المجرور اى حال كونهم فى الحياة إلخ ومن البشرى العاجلة الثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس هذا ما اختاره المولى ابو السعود بناء على انها بشارة ناجزة مقصودة بالذات. وقيل البشرى مصدر والظرفان متعلقان به اما البشرى فى الدنيا فهى البشارات الواقعة للمؤمنين المتقين فى غير موضع من الكتاب المبين وعن النبي عليه السلام (هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له) اى يراها مسلم لاجل مسلم آخر ولا يخفى ان كون الرؤيا الصالحة مبشرة للمؤمن يمنع ان تكون بنبوة فتكون بوجه آخر من صلاح وتنبيه غفلة وفرح وغيرها كما فى شرح المشارق لابن الملك وهذه البشارة لا تحصل الا لاولياء الله لانهم مستغرقوا القلب والروح فى ذكر الله ومعرفة الله فمنامهم كاليقظة لا يفيد الا الحق واليقين واما من يكون متوزع الخاطر على احوال هذا العالم الكدر المظلم فانه لا اعتماد على رؤياه وفى التأويلات النجمية لهم المبشرات التي هى تلو النبوة من الوقائع التي يرون بين النوم واليقظة والإلهامات والكشوف وما يرد عليهم من المواهب والمشاهدات كما قال عليه السلام (لم يبق من النبوة الا المبشرات) انتهى وفى الحديث (الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة) ومعناه ان النبي عليه السلام حين بعث اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين فمدة الوحى اليه فى اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحى فى المنام ستة أشهر من ثلاث وعشرين سنة فهى جزء من ستة وأربعين جزأ وانما ابتدئ رسول الله بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحملها القوى البشرية فكانت الرؤيا تأنيسا له وقال بعضهم لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة. واما البشرى فى الآخره فتلقى الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحف بايمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات فى كل موطن من المواطن الاخروية فتكون هذه بشارة بما سيقع من البشارات العاجلة والآجلة المطلوبة لغاياتها لا لذواتها [سلمى فرموده كه بشارت دنيا وعده لقاست ومژده آخرت تحقيق آن وعده. وشيخ الإسلام فرموده كه ولى را دو بشارتست. در دنيا شناخت ودر عقبى نواخت. درين سراى سرور مجاهده ودر ان سراى نور مشاهده. اينجا صفا ووفا وآنجا رضا ولقا] وفى التأويلات النجمية بشراهم فى الآخرة بكشف القناع عن جمال العزة عند سطوات نور القدم وزهق ظلمة الحدوث وبلقاء الحق رحمة منه كما قال يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ وفى حديث (الرؤية فى النشأة الكثيبية يقول الله تعالى لهم بعد التجلي هل بقي لكم شىء بعد هذا فيقولون يا ربنا وأي شىء بقي وقد نجيتنا من النار وادخلتنا دار رضوانك وأنزلتنا بجوارك وخلعت علينا ملابس كرمك وأريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقي لكم