فيقولون يا ربنا وما ذاك الذي بقي فيقول دوام رضاى عليكم فلا أسخط عليكم ابدا) فما أحلاها من كلمة وما ألذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال كن فاول شىء كان لنا منه السماع فختم بما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع وهو هذه البشرى تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ
اى لمواعيده الواردة فى حقهم إذ لا خلف لمواعيده أصلا وفى التأويلات النجمية لا يتغير أحكامه الازلية حيث قال للولى كن وليا وللعدو كن عدوا وكانوا كما أراد للحكمة البالغة فلا تغير لكلمة الولي وكلمة العدولِكَ
التبشيروَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
الذي لا يصل الى كنهه العقول وكيف لا وفيه سعادة الدارين اعلم ان الولاية على قسمين عامة وهى
مشتركة بين جميع المؤمنين كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وخاصة وهى مختصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك والولاية عبارة عن فناء العبد فى الحق والبقاء به ولا يشترط فى الولاية الكرامات الكونية فانها توجد فى غير الملة الاسلامية لكن يشترط فيها الكرامات القلبية كالعلوم الالهية والمعارف الربانية فهاتان الكرامتان قد تجتمعان كما اجتمعتا فى الشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ ابى مدين المغربي قدس الله سرهما فانه لم يأت من اهل الشرق مثل عبد القادر فى الخوارق ومن اهل الغرب مثل ابى مدين مع مالهما من العلوم والمعارف الكلية وقد تفترقان فتوجد الثانية دون الاولى كما فى اكثر الكمل من اهل الفناء. واما الكرامات الكونية كالمشى على الماء والطيران فى الهواء وقطع المسافة البعيدة فى المدة القليلة وغيرها فقد صدرت من الرهابنة والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون كما سبق فى سورة البقرة عند قوله تعالى ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً الآية. والنبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لا مدخل لكسب العبد فيها. واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما يمكن الوزارة بالكسب كذلك يمكن الولاية بالكسب وفى الحقيقة كل منهما اختصاص عطائى غير كسبى حاصل للعين الثابتة من الفيض الأقدس وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه يوهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل فاول الولاية انتهاء السفر الاول الذي هو السفر من الخلق الى الحق بازالة التعشق عن المظاهر والأغيار والخلاص من القيود والأستار والعبور على المنازل والمقامات والحصول على المراتب والدرجات وبمجرد حصول العلم اليقيني للشخص لا يلحق باهل المقام لانه انما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه وزال عنه اسمه ولما كانت المراتب متميزة قسم ارباب هذه الطريقة المقامات الكلية الى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين متصور الأمر على ما هو عليه وعين اليقين بشهوده كما هو وحق اليقين بالفناء فى الحق والبقاء به علما وشهودا وحالا لا علما فقط ولا نهاية لكمال الولاية فمراتب الأولياء غير متناهية والطريق التوحيد وتزكية النفس عن الأخلاق الذميمة وتطهيرها من الأغراض الدنيئة فمن جاهد فى طريق الحق فقد سعى فى الحلق نفسه بزمرة الأولياء ومن اتبع الهوى فقد اجتهد فى الالتحاق بفرقة الأعداء والسلوك الارادة لاجل الفناء فان المريد من يفنى إرادته فى ارادة الشيخ فمن عمل برأيه امرا فهو ليس بمريد: وفى المثنوى
مكسل از پيغمبر ايام خويش ... تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش