يعم الفرق المكلفين الا ان المراد خصوصه بالمحسنين تنبيها على ان المقصود الأقصى من خلق المخلوقات ان يتوسلوا بأحسن الأعمال الى أجل المثوبات وتحريضا لهم على ترك القبائح والمنكرات والمراد بالعمل ما يعم عمل القلب والجوارح ولذلك فسره عليه السلام بقوله (أيكم احسن عقلا وأورع عن محارم الله واسرع فى طاعة الله) فان لكل من القلب والقالب عملا مخصوصا به فكما ان الاول اشرف من الثاني فكذا الحال فى عمله فكيف لا ولا عمل بدون معرفة الله تعالى الواجبة على العباد وانما طريقها النظري التفكر فى عجائب صنعه ولا طاعة بدون فهم الأوامر والنواهي. وقد روى عن النبي عليه السلام انه قال (لا تفضلونى على يونس بن متى فانه كان يرفع له كل يوم مثل عمل اهل الأرض) قالوا وانما كان ذلك التفكر فى امر الله تعالى الذي هو عمل القلب لان أحدا لا يقدر على ان يعمل فى اليوم بجوارحه مثل عمل اهل الأرض واما ذات الله تعالى فلا يسعها التفكر: وفى المثنوى
بي تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيچون اى عمو
اين تعلق را خرد چون ره برد ... بسته فصلست ووصلست اين خرد
زين وصيت كرد ما را مصطفى ... بحث كم جوئيد در ذات خدا
آنكه در ذاتش تفكر كردنيست ... در حقيقت آن نظر در ذات نيست
هست آن پندار او زيرا براه ... صد هزاران پرده آمد تا اله
وفى التأويلات النجمية الابتلاء على قسمين. قسم للسعداء وهو بلاء حسن وذلك ان السعيد لا يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي بل يجعل ذلك حضرة المولى والرفيق الأعلى ويجعل ما سوى المولى بإذن مولاه وامره ونهيه وسيلة الى القربات وتحصيل الكمالات فهو احسن عملا. وقسم للاشقياء وهو بلاء سيئ وذلك ان الشقي يجعل المكونات مطلبه ومقصده الأصلي ويتقيد بشهواتها ولذاتها ولم يتخلص من نار الحرص عليها والحسرة على فواتها ويجعل ما أنعم الله عليه به من الطاعات والعلوم التي هى ذريعة الى الدرجات والقربات وسيلة الى نيل مقاصده الفانية واستيفاء شهواته النفسانية فهو أسوأ عملا انتهى قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته نية الإنسان لا تخلو اما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الدنيا فهو سيئ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه هو الآخرة وفى جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملا واما ان يكون متعلقها فى لسانه وجنانه هو وجه الله تعالى فهو احسن نية وعملا فالاول حال الكفار والثاني حال المنافقين والثالث حال الأبرار والرابع حال المقربين وقد أشار الحق سبحانه الى احوال المقربين عبارة والى احوال غيرهم اشارة فى قوله تعالى إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا انتهى باجمال: قال الحافظ
صحبت خور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دگرى پردازم
اللهم اجعلنا من الفارين إليك والحاضرين لديك وَلَئِنْ قُلْتَ يا محمد لقومك وهم اهل مكة واللام لام التوطئة للقسم إِنَّكُمْ ايها المكلفون مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ