للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يزيل الاشكال قطعا وهو انهم لما عيروا بنى آدم بقلة الأعمال وكثرة الذنوب في زمن إدريس عليه السلام قال الله تعالى لو انزلتكم الى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لفعلتم مثل ما فعلوا فقالوا سبحانك ربنا ما كان ينبغى لنا ان نعصيك قال الله تعالى فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما الى الأرض فاختاروا هاروت وماروت وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم فاهبطا بالتركيب البشرى ففعلا ما فعلا وهذا ليس ببعيد إذ ليس مجرد هبوط الملك مما يقتضى العصيان وذلك ظاهر والا لظهر من جبريل وغيره ألا ترى ان إبليس له الشهوة والذرية مع انه كان من الملائكة على أحد القولين لانها مما حدثت بعد ان محى من ديوانهم فيجوز ان تحدث الشهوة في هاروت وماروت بعد ان اهبطا الأرض لاستلزام التركيب البشرى ذلك وقد قال في آكام المرجان ان الله تعالى باين بين الملائكة والجن والانس في الصورة والاشكال فان قلب الله الملك الى صورة الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وكذلك لو

قلب الشيطان الى بنية الإنسان خرج بذلك عن كونه شيطانا- روى- انه لما استشفع لهما إدريس عليه السلام خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا لكونه أيسر من عذاب الآخرة فهما في بئر بابل معلقان فيه بشعورهما الى يوم القيامة قال مجاهد ملئ الجب نارا فجعلا فيه وقيل معلقان بارجلهما ليس بين ألسنتهما وبين الماء الا اربع أصابع فهما يعذبان بالعطش قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره رائحة الشمع الذي يعمل من الشحم كريهة تتألم منها الملائكة حتى يقال ان هاروت وماروت يعذبان برائحته واما الشمع العسلي فرائحته طيبة كذا في واقعات الهدائى قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (اتقوا الدنيا فوالذى نفسى بيده انها لا سحر من هاروت وماروت) قال العلماء انما كانت الدنيا اسحر منهما لانها تدعوك الى التحارص عليها والتنافس فيها والجمع لها والمنع حتى تفرق بينك وبين طاعة الله وتفرق بينك وبين رؤية الحق ورعايته وسحر الدنيا محبتها وتلذذك بشهواتها وتمنيك بامانيها الكاذبة حتى تأخذ بقلبك ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حبك الشيء يعمى ويصم) أراد النبي عليه الصلاة والسلام ان من الحب ما يعمى عن طريق الحق والرشد ويصمك عن استماع الحق وان الرجل إذ اغلب الحب على قلبه ولم يكن له رادع من عقل او دين أصمه حبه عن العذل وأعماه عن الرشد او يعمى العين عن النظر الى مساويه ويصم الاذن عن استماع العذل فيه او يعمى ويصم عن الآخرة وفائدته النهى عن حب ما لا ينبغى الإغراق في حبه: قال خسرو الدهلوي بهر اين مردار چندت كاه زارى كاه زور چون غليواجى كه شش مه ماده وشش مه نر است ثم في هذه القصة اشارة الى انه لا يجوز الاعتماد الأعلى فضل الله ورحمته فان العصمة من آثار حفظ الله تعالى كمال: قال في المثنوى

همچوهاروت و چوماروت شهير ... از بطر خوردند زهر آلوده تير

اعتمادي بودشان بر قدس خويش ... چيست بر شير اعتماد كاو ميش

كر چهـ او با شاخ صد چاره كند ... شاخ شاخش شير نر پاره كند

<<  <  ج: ص:  >  >>