الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [آن مسجدى كه بركت كرديم بر كرد او] ببركات الدين والدنيا لانه مهبط الوحى والملائكة ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليه السلام ومحفوف بالأنهار والأشجار المثمرة فدمشق والأردن فلسطين من المدائن التي حوله لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا غاية للاسراء واشارة الى ان الحكمة فى الاسراء به اراءة آيات مخصوصة بذاته تعالى التي ما شرف بإراءتها أحدا من الأولين والآخرين إلا سيد المرسلين وخاتم النبيين فانه تبارك وتعالى أرى خليله عليه السلام وهو أعز الخلق عليه بعد حبيبه الملكوت كما قال وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأرى حبيبه آيات ربوبيته الكبرى كما قال لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ليكون من المحبين المحبوبين فمن تبعضية لان ما أراه الله تعالى فى تلك الليلة انما هو بعض آياته العظمى واضافة الآيات الى نفسه على سبيل التعظيم لها لان المضاف الى العظيم عظيم وسقط الاعتراض بان الله تعالى ارى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وأرى نبينا عليه السلام بعض آياته فيلزم ان يكون معراج ابراهيم أفضل وحاصل الجواب انه يجوز ان يكون بعض الآيات المضافة الى الله تعالى أعظم واشرف من ملكوت السموات والأرض كلها كما قال تعالى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى قالوا فى التفاسير هى ذهابه فى بعض الليل مسيرة شهر ومشاهدة بيت المقدس وتمثل الأنبياء له ووقوفه على مقاماتهم العلية ونحوها قال فى اسئلة الحكم اما الآيات الكبرى. فمنها فى الآفاق ما ذكره عليه السلام من النجوم والسموات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصرير الأقلام وشهود الألواح وما غشى الله سدرة المنتهى من الأنوار وانتهاء الأرواح والعلوم والأعمال إليها ومقام قاب قوسين من آيات الآفاق ومنها آيات الأنفس كما قال سبحانه سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ وقوله أَوْ أَدْنى من آيات الأنفس وهو مقام المحبة والاختصاص بالهو فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
مقام المسامرة وهو الهوّ غيب الغيب وأيده ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى كما قال تعالى وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ والفؤاد لا يعمى لانه لا يعرف الكون وما له تعلق الا بسيده فان العبد هنا عبد من جميع الوجوه منزه مطلق التنزيه فى عبوديته فما نقل عبده من مكان الى مكان الا ليريه من آياته التي غابت عنه كانه تعالى قال ما أسريت به الا لرؤية الآيات لا الىّ فانى لا يحدنى مكان ولا يقيدنى زمان ونسبة الامكنة والازمنة الى نسبة واحدة وانا الذي وسعني قلب عبدى فكيف اسرى به الىّ وانا عنده ومعه أينما كان نزولا وعروجا واستواء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لا قواله صلى الله عليه وسلم بلا اذن كما يتكلم من غير آلة الكلام وهو اللسان ويعلم من غير اداة العلم وهو القلب الْبَصِيرُ بأفعاله بلا بصر حسبما يؤذن به القصر فيكرمه ويقربه بحسب ذلك وفيه ايماء الى ان الاسراء المذكور ليس الا لتكرمته ورفع منزلته والا فالاحاطة بأقواله وأفعاله حاصلة من غير حاجة