الذي كنت ارى منه حين اشتكيت فلما رأيت ذلك قلت يا رسول الله لو أذنت لى فانقلب الى ابوىّ يمرضانى والتمريض القيام على المريض فى مرضه قال لا بأس فانقلبت الى بيت ابوىّ وكنت فيه الى ان برئت من مرضى بعد بضع وعشرين ليلة فخرجت فى بعض الليالى ومعى أم مسطح كمنبر وهى بنت خالة ابى بكر رضى الله عنه قبل المناصع وهى مواضع يتخلى فيها لبول او حاجة ولا يخرج إليها الا ليلا وكان عادة اهل المدينة حينئذ انهم كانوا لا يتخذون الكنيف فى بيوتهم كالاعاجم بل يذهبون الى محل متسع قالت فلما فرغنا من شأننا وأقبلنا الى البيت عثرت أم مسطح فى مرطها وهو كساء من صوف او خز كان يؤتزر به فقالت تعس مسطح بفتح العين وكسرها اى هلك تعنى ولدها والمسطح فى الأصل عمود الخيمة واسمه عوف فقلت لها أتسبين رجلا قد شهد بدرا فقالت أو لم تسمعى ما قال قلت وما قال فاخبرتنى بقول اهل الافك فازددت مرضا على مرض اى عاودنى المرض وازددت عليه وبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لى دمع ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت ابكى
چشم ذكريه بر سر آبست روز شب ... جانم ز ناله در تب وتابست روز شب
فاستشار رسول الله فى حقى فاشار بعضهم بالفرقة وبعضهم بالصبر وقد لبث شهرا لا يوحى اليه فى شأنى بشىء فقام واقبل حتى دخل علىّ وعندى أبواي ثم جلس فتشهد ثم قال (اما بعد يا عائشة فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فيبرئك الله وان كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله وتوبى فان العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب الله تاب الى الله عليه) فلما قضى رسول الله كلامه قلص دمعى اى ارتفع حتى ما أحس منه بقطرة فقلت لابى أجب عنى رسول الله فيما قال قال والله لا أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لامى أجيبي عنى رسول الله قالت والله ما أدرى ما أقول لرسول الله فقلت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر فى نفوسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم انى بريئة لا تصدقونى ولئن اعترفت لكم بامر والله يعلم انى بريئة منه لتصدقونى والله ما أجد لى ولكم مثلا الا ما قال ابو يوسف اى يعقوب (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)
صبرى كنيم تا كرم او چهـ ميكند
قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشى وانا والله حينئذ اعلم انى بريئة والله مبرئى ببراءة ولكنى والله ما كنت أظن ان ينزل فى شأنى وحي يتلى ولشأنى كان احقر فى نفسى من ان يتكلم فى بامر يتلى ولكنى كنت أرجو ان يرى النبي عليه السلام رؤيا يبرئنى الله بها قالت فو الله ما قام رسول الله عن مجلسه ولا خرج من البيت حتى اخذه ما كان يأخذه عند نزول الوحى اى من شدة الكرب فسجى اى غطى بثوب ووضعت له وسادة من آدم تحت رأسه وكان ينحدر منه مثل الجمان من العرق فى اليوم الثاني من ثقل القول الذي انزل عليه والجمان حبوب مدحرجة تجعل من الفضة أمثال اللؤلؤ فلما سرى عنه وهو يضحك ويمسح العرق من وجهه الكريم كان أول كلمة تكلم بها (أبشري يا عائشة اما ان الله قد برأك) فقالت أمي قومى اليه فقلت والله لا احمد الا
الله فانزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) الآيات قال السهيلي كان نزول براءة عائشة بعد قدومهم المدينة من الغزوة المذكورة لسبع وثلاثين ليلة فى قول المفسرين فمن نسبها الى الزنى كغلاة الرافضة كان كافر الان فى ذلك تكذيبا للنصوص