للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكلفين والمراد برحمة الله المطر لانه أنزله برحمته على خلقه. والمعنى فانظروا الى آثار المطر من النبات والأشجار وانواع الثمار والازهار والفاء للدلالة على سرعة ترتب هذه الأشياء على تنزيل المطر كَيْفَ يُحْيِ اى الله تعالى الْأَرْضَ بالآثار بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها قال فى الإرشاد كيف إلخ فى حيز النصب بنزع الخافض وكيف معلق لانظر اى فانظروا الى الاحياء البديع للارض بعد موتها والمراد بالنظر التنبيه على عظيم قدرته وسعة رحمته مع ما فيه من تمهيد امر البعث إِنَّ ذلِكَ العظيم الشأن الذي قدر على احياء الأرض بعد موتها لَمُحْيِ الْمَوْتى لقادر على احيائهم فى الآخرة فانه احداث لمثل ما كان فى مواد أبدانهم من القوى الحيوانية كما ان احياء الأرض احياء لمثل ما كان فيها من القوى النباتية وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اى مبالغ فى القدرة على جميع الأشياء التي من جملتها احياء قالب الإنسان بعد موته فى الحشر ومن احياء قلبه بعد موته فى الدنيا لان نسبة قدرته الى جميع الممكنات على سواء رجع كل شىء الى قدرته فلم يعظم عليه شىء فقدرة الله الكاملة بخلاف قدرة العبد فانها مستفادة من قدرة الله تعالى

تعالى الله زهى قيوم ودانا ... توانايى ده هر ناتوانا

وسيجيئ ان الإنسان خلق من ضعف فالله تعالى اقدره وقواه اعلم ان الله سبحانه زين الأرض بآثار قدرته وأنوار فعله وحكمته فانبت الخضرة وأضاء الزهر وتجلى فى صورها لاعين العارفين الذين شاهدوا الله تعالى بنعت الحسن ولذا قال الشيخ المغربي

مغربى زان ميكند ميلى بگلشن كاندر او ... هر چهـ را رنكى وبويى هست رنك وبوى اوست

وسأل بنوا إسرائيل موسى عليه السلام هل يصبغ ربك قال نعم يصبغ ألوان الثمار والرياحين الأحمر والأصفر والأبيض والصباغ يقدر بان يسود الأبيض ولا يقدر بان يبيض الأسود والله تعالى يبيض الشعر الأسود والقلب الأسود ومن احسن من الله صبغة خرج ابو حفص قدس سره الى البستان ائتمارا بقوله تعالى (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ) فاضافه مجوسى فى بستان له فلما علم ان قلوب أصحابه نظرت الى بستان المجوسي قال اقرأوا (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) الآية ولما أراد ان يخرج ابو حفص اسلم المجوسي وثمانية عشر من أولاده وأقربائه فقال ابو حفص إذا خرجتم لاجل التفرج فاخرجوا هكذا أشار قدس سره الى ان هذا الخروج ليس مع النفس والهوى والا لم يكن له اثر محمود ثم انه يلزم للانسان ان ينظر بعين ظاهره الى زهرة الدنيا وبعين قلبه الى فنائها ويعتبر ايام الربيع بانواع الاعتبار وفى الحديث (إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور) اى فان خروج الموتى من القبور كخروج النبات من الأرض فيلزم ان يذكره عند رؤية الربيع ويذكر شمس القيامة عند اشتداد الحر وفى الحديث (إذا كان اليوم حارا فاذا قال الرجل لا اله الا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجار بي من حرك وانا أشهدك انى قد أجرته وإذا كان اليوم شديد البرد فاذا قال العبد لا اله الا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله تعالى ان عبدا من عبيدى استجار بي من زمهريرك وانى

<<  <  ج: ص:  >  >>