الذرية مثلثة لنسل الثقلين فِيهِ اى فى هذا التدبير وهو جعل الناس والانعام أزواجا يكون بينهم توالد فاجتير فيه على به مع أن التدبير ليس ظرفا للبث والتكثير بل هو سبب لهما لأن هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهما ففيه تغليبان تغليب المخاطب على الغائب حيث لم يقل يذرأكم واياهن لأن الانعام ذكرت بلفظ الغيبة وتغليب العقلاء على غيرهم حيث لم يقل يذرأها وإياكم فان كم مخصوص بالعقلاء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ المثل كناية عن الذات كما فى قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة فى نفيه عنه فانه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وهذا لا يتوقف على ان يتحقق مثل فى الخارج بل يكفى تقدير المثل ثم سلكت هذه الطريقة فى شأن من لا مثل له والشيء عبارة عن الموجود وهو اسم لجميع المكونات عرضا كان او جوهرا وعند سيبويه الشيء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه موجودا او معدوما والمعنى ليس كذاته شىء من شأن من الشؤون التي من جملتها هذا التدبير البديع لأن ذاته لا يماثل ذات أحد بوجه من الوجوه ولا من جميع الوجوه لأن الأشياء كلها اما أجسام او اعراض تعالى ربنا عن ذلك ولا كاسمه اسم كما قال تعالى هل تعلم له سميا ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ ولمحال كل المحال ان تكون الذات القديمة مثلا للذات الحادثة وان يكون لها صفة حادثة كما استحال ان تكون للذات المحدثة صفة قديمة
ذات ترا صورت او پيوندند ... تو بكس وكس بتو مانندند
جل المهيمن ان تدرى حقيقته ... من لا له المثل لا تضرب له مثلا
(وفى المثنوى)
ذات او را در تصور كنج كو ... تا در آيى در تصور مثل او
هذا ما عليه المحققون والمشهور عند القوم ان الكاف زائدة فى خبر ليس وشىء اسمها والتقدير ليس مثله شىء والا كان المعنى ليس مثل مثله شىء وهو محال قال بعضهم لعل من قال الكاف زائدة أراد أنه يعطى مغنى ليس مثله شىء غير انه آكد لما ذكر من انه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وقال بعضهم كلمة مثل هى الزائدة والتقدير ليس كهو شىء ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز فالوجه الرجوع الى طريق الكناية لأن القول بزيادة ما له فائدة جليلة وبلاغة مقبولة بعيد كل البعد قال فى بحر العلوم ومما يجب التنبه له ان المثل عبارة عن السماوات فى بعض الصفات لا فى جميعها كما زعم كثير من المحققين فانه سهو بدليل قول تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى الآية فانه ثبت مماثلته بالاشتراك والمساواة فى وصف البشرية فقط لا فى جميع الأوصاف كما لا يخفى للقطع بأن بينه وبينهم مخالفة بوجوه كثيرة من اختصاصه بالنبوة والرسالة والوحى الى غير ذلك ألا يرى ألى قوله يوحى الى كيف اثبت المخالفة بان خصصه بالايحاء اليه ذكرا فظهر أن ما ذكره الامام الغزالي رحمه الله من أن المثل عبارة عن المساوى فى جميع الصفات ليس كما ينبغى انتهى يقول الفقير انما جاء التخصيص من قبل قوله بشر كما فى قوله زيد مثل عمرو فى النحو والا فلو قال انا مثلكم لأفادت المماثلة فى جميع الصفات كما فى قوله زيد مثل عمرو اى من كل الوجوه قال الامام الراغب فى المفردات المثل عبارة عن المشابه لغيره فى معنى من المعاني اى معنى