كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك فى الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال تعالى ليس كمثله شىء انتهى وحيث ترى فى مرءاة القلب صورة او خطر بالخاطر مثال وركنت النفس الى كيفيته فليجزم بأن الله بخلافه إذ كل ذلك من سمات الحدوث لدخوله فى دائرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوقين المنزه عنهما الخالق ولقد اقسم سيد الطائفة الجنيد قدس سره بانه ما عرف الله الا الله وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم المثل ليس بزآئد عند اهل الحقيقة فان الهاء كناية عن الهوية الذاتية والمثل اشارة الى التجلي الإلهي والمعنى ليس كالتجلى الإلهي الذي هو أول التجليات شىء إذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة عليه قال الواسطي قدس سره امور التوحيد كلها خرجت من هذا الاية ليس كمثله شى لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق تعالى لا ينعت على أقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه المخلوق (قال الشيخ سعدى)
نه بر اوج ذاتش برد مرغ وهم ... نه در ذيل وصفش رسد دست فهم
توان در بلاغت بسحبان رسيد ... كنه در نه بيچون سبحان رسيد
چهـ خاصان درين ره فرس رانده اند ... بلا احصى از تك فرو مانده اند
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ المبالغ فى العلم بكل ما يسمع ويبصر قال الزروقى السميع الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلامه وغيره والبصير الذي يدرك كل موجود برؤيته والسمع والبصر صفتان من صفاته المنعوتة نابتتان له تعالى كما يليق بوصفه الكريم ورده بعضهم للعلم ولا يصح انتهى قال الغزالي رحمه الله السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات والبصر عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت والمبصرات وسمع العبد قاصر فانه يدرك ما قرب لا ما بعد بجارحة وربما بطل السمع بعظم الصوت وانما حظ العبد منه امر ان أحدهما ان يعلم أن الله سميع فيحفظ لسانه والثاني ان يعلم أن الله لم يخلق له السمع الا ليسمع كلامه وحديث رسوله فيستفيد به الهداية الى طريق الله فلا يستعمل سمعه الا فيه واستماع صوت الملاهي حرام وان سمع بغتة فلا اثم عليه والواجب عليه ان يجتهد حتى لا يسمع لأنه عليه السلام ادخل إصبعه فى اذنه كما فى البزازية وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر على وجه التهديد وبصر العبد قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب منه وحظه الديني أمران ان يعلم أنه خلق له البصر لينظر الى الآيات الآفاقية والانفسية وان يعلم أنه بمرأى من الله ومسمع اى بحيث يراه ويسمعه فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن أنه لا يراه فما اكفره قال فى كشف الاسرار ثم قال وهو السميع البصير لئلا يتوهم أنه لا صفات له كما لا مثل له فقد تضمنت الآية اثبات الصفة ونفى التشبيه والتوحيد كله بين هذين الحرفين اثبات صفة من غير تشبيه ونفى تشبيه من غير تعطيل فمن نزل عن الإثبات