من معنى الإرسال لا الجار فانه صلة للرسول والصلاة بمعزل عن تضمن معنى الفعل وعليه يدور العمل اى أرسلت إليكم حال كونى مصدقا لما تقدمنى من التوراة ومبشرا بمن يأتى من بعدي من رسول وكان بين مولده وبين الهجرة ستمائة وثلاثون سنة وقال بعضهم بشرهم به ليؤمنوا به عند مجيئه او ليكون معجزة لعيسى عند ظهوره والتبشير به تبشير بالقرءان ايضا وتصديق له كالتوراة اسْمُهُ أَحْمَدُ اى محمد صلّى الله عليه وسلّم يريد أن دينى التصديق بكتب الله وأنبيائه جميعا ممن تقدم وتأخر فذكر أول الكتب المشهورة الذي يحكم به النبيون والنبي الذي هو خاتم النبيين وعن اصحاب رسول الله انهم قالوا أخبرنا يا رسول الله عن نفسك قال انا دعوة ابراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي رؤيا حين حملتنى انه خرج منها نور أضاء لها قصور بصرى في ارض الشام وبصرى كحبلى بلد بالشام وكذا بشر كل نبى قومه بنبينا محمد عليه السلام والله تعالى أفرد عيسى عليه السلام بالذكر في هذا الموضع لانه آخر نبى قبل نبينا فبين ان البشارة
به عمت جميع الأنبياء واحدا بعد واحد حتى انتهت الى عيسى كما في كشف الاسرار وقال بعضهم كان بين رفع المسيح ومولد النبي عليه السلام خمسمائة وخمس وأربعون سنة تقريبا وعاش المسيح الى ان رفع ثلاثا وثلاثين سنة وبين رفعه والهجرة الشريفة خمسمائة وثمان وتسعون سنة ونزل عليه جبريل عشر مرات وأمته النصارى على اختلافهم ونزل على نبينا عليه السلام اربعة وعشرين مرة وأمته امة مرحومة جامعة لجميع الملكات الفاضلة قيل قال الحواريون لعيسى يا روح الله هل بعدنا من امة قال نعم امة محمد حكماء علماء ابرار أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء يرضون من الله باليسير من الرزق ويرضى الله منهم باليسير من العمل واحمد اسم نبينا صلّى الله عليه وسلّم قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى كتاب تلقيح الأذهان سمى من حيث تكرر حمده محمدا ومن حيث كونه حامل لواء الحمد احمد انتهى قال الراغب احمد اشارة للنبى عليه السلام باسمه تنبيها على انه كما وجد اسمه احمد يوجد جسمه وهو محمود في أخلاقه وأفعاله وأقواله وخص لفظ احمد فيما بشر به عيسى تنبيها انه احمد منه ومن الذين قبله انتهى ويوافقه ما في كشف الاسرار من ان الالف فيه للمبالغة في الحمد وله وجهان أحدهما انه مبالغة من الفاعل اى الأنبياء كلهم حامدون لله تعالى وهو اكثر حمدا من غيره والثاني انه مبالغة من المفعول اى الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو اكثر مناقب واجمع للفضائل والمحاسن التي يحمد بها انتهى
ز صد هزار محمد كه در جهان آيد ... يكى بمزلت وفضل مصطفى نرسد
قال ابن الشيخ في حواشيه يحتمل أن يكون احمد منقولا من الفعل المضارع وأن يكون منقولا من صفة وهى افعل التفضيل وهو الظاهر وكذا محمد فانه منقول من الصفة ايضا وهو فى معنى محمود ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار فانه محمود في الدنيا بما هدى اليه ونفع به من العلم والحكمة ومحمود في الآخرة بالشفاعة وقال الامام السهيلي في كتاب التعريف والاعلام احمد اسم علم منقول من صفة لا من فعل وتلك الصفة افعل التي يراد بها التفضيل فمعنى احمد احمد الحامدين لربه عز وجل وكذلك قال هو في المعنى لانه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد