للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تفتح على أحد قبله فيحمد ربه بها وكذلك يعقد لواء الحمد واما محمد فمنقول من صفة ايضا وهو في معنى محمود ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار فمحمد هو الذي حمد مرة بعد مرة كما ان المكرم من أكرم مرة بعد مرة وكذلك الممدح ونحو ذلك فاسم محمد مطابق لمعناه والله تعالى سماه به قبل أن يسمى به نفسه فهذا علم من اعلام نبوته إذ كان اسمه صادقا عليه فهو محمود في الدنيا بما هدى اليه ونفع به من العلم والحكمة وهو محمود في الآخرة بالشفاعة فقد تكرر معنى الحمد كما يقتضى اللفظ ثم انه لم يكن محمدا حتى كان حمد ربه فنبأه وشرفه ولذلك تقدم اسم احمد على الاسم الذي هو محمد فذكره عيسى عليه السلام فقل اسمه احمد ذكره موسى عليه السلام حين قال له ربه تلك امة احمد فقال اللهم اجعلنى من امة احمد فبأحمد ذكره قبل أن يذكره بمحمد لان حمده لربه كان قبل حمد الناس فلما وجد وبعث كان محمدا بالفعل وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه فيكون احمد الناس لربه ثم يشفع فيحمد على شفاعته فانظر كيف كان ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر وفي الوجود وفي الدنيا وفي الآخرة تلح لك الحكمة الالهية في تخصيصه بهذين الاسمين وانظر كيف أنزلت عليه سورة الحمد وخص بها دون سائر الأنبياء وخص بلواء الحمد وخص بالمقام المحمود وانظر كيف شرع له سنة وقرءانا أن يقول عند اختتام الافعال وانقضاء الأمور الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين وقال ايضا وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين تنبيها لنا على ان الحمد مشروع عند انقضاء الأمور وسن عليه السلام الحمد بعد الاكل والشرب وقال عند انقضاء السفر آئبون تائبون لربنا حامدون ثم انظر لكونه عليه السلام

خاتم الأنبياء ومؤذنا بانفصال الرسالة وانقطاع الوحى ونذيرا بقرب الساعة وتمام الدنيا مع ان الحمد كما قدمنا مقرون بانقضاء الأمور مشروع عندها تجد معانى اسمه جمبعا وما خص به من الحمد والمحامد مشاكلا لمعناه مطابقا لصفته وفي ذكره برهان عظيم وعلم واضح على نبوته وتخصيص الله له بكرامته وانه قدم له هذه المقامات قبل وجوده تكرمة له وتصديقا لامره عليه السلام انتهى كلام السهيلي يقول الفقير الذي يلوح بالبال ان تقدم الاسم احمد على الاسم محمد من حيث انه عليه السلام كان إذا ذاك في عالم الأرواح متميزا عن الأحد بميم الإمكان فدل قلة حروف اسمه على تجرده التام الذي يقتضيه موطن عالم الأرواح ثم انه لما تشرف بالظهور في عالم العين الخارج وخلع الله عليه من الحكمة خلعة اخرى زائدة على الخلع التي قبلها ضوعف حروف اسمه الشريف فقيل محمد على ما يقتضيه موطن العين ونشأة الوجود الخارجي ولا نهاية للاسرار والحمد لله تعالى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر في كتاب مواقع النجوم ما انتظم من الوجود شيء بشيء ولا انضاف منه شيء الى شيء الا لمناسبة بينهما ظاهرة او باطنة فالمناسبة موجودة في كل الأشياء حتى بين الاسم والمسمى ولقد أشار أبو يزيد السهيلي وان كان أجنبيا عن اهل هذه الطريقة الى هذا المقام في كتاب المعارف والاعلام له في اسم النبي عليه السلام محمد واحمد وتكلم

<<  <  ج: ص:  >  >>