فى أبدانهم تربية ثم انهم لا ينقصون وإذا شربوا من نهر العسل يجدون شفاء وصحة ثم انهم لا يسقمون وإذا شربوا من نهر الخمر يجدون طربا وفرحا ثم انهم لا يحزنون: قال في المثنوى
آب صبرت جوى آب خلد شد ... جوى شير خلد مهر تست وود
ذوق طاعت كشت جوى انكبين ... مستى وشوقى تو جوى خمر بين
اين سببها چون بفرمان تو بود ... چار جوهم مر ترا فرمان نمود
وروى انه كتب عرضا بسم الله الرّحمن الرّحيم على ساق العرش فعين الماء تنبع من ميم بسم وعين اللبن تنبع من هاء الله وعين الخمر تنبع من ميم الرحمن وعين العسل تنبع من ميم الرحيم هذا منبعها واما مصبها فكلها تنصب في الكوثر وهو حوض النبي عليه السلام وهو في الجنة اليوم وينتقل يوم القيامة الى العرصات لسقى المؤمنين ثم ينقل الى الجنة ويسقى اهل الجنة ايضا من عين الكافور وعين الزنجبيل وعين السلسبيل وعين الرحيق ومزاجه من تسنيم بواسطة الملائكة ويسقيهم الله الشراب الطهور بلا واسطة كما قال تعالى وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً كُلَّما متى رُزِقُوا مِنْها اى أطعموا من الجنة مِنْ ثَمَرَةٍ ليس المراد بالثمرة التفاحة الواحدة او الرمانة الفذة وانما المراد نوع من انواع الثمار ومن الاولى والثانية كلتاهما لابتداء الغاية لان الرزق قد ابتدئ من الجنات والرزق من الجنات قد ابتدئ من ثمرة رِزْقاً مفعول رزقوا وهو ما ينتفع به الحيوان طعاما قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ اى هذا مثل الذي رزقنا من قبل هذا في الدنيا ولكن لما استحكم الشبه بينهما جعل ذاته ذاته وانما جعل ثمر الجنة كثمر الدنيا لتميل النفس اليه حين تراه فان الطباع مائلة الى المألوف متنفرة عن غير المعروف وليتبين لها مزية إذ لو كان جنسا غير معهود لظن انه لا يكون الا كذلك وان كان فائقا فحين ابصروا الرمانة من رمان الدنيا ومبلغها فى الحجم وان الكبرى لا تفضل عن حد البطيخة الصغيرة ثم يبصرون رمانة الجنة وهي تشبع السكن اى اهل الدار كان ذلك أبين للفضل واجلب للسرور وأزيد في التعجب من ان يفاجئوا ذلك الرمان من غير عهد سابق بجنسه وعموم كلما يدل على ترديدهم هذه المقالة كل مرة رزقوا فيما عدا المرة الاولى يظهرون بذلك التبجح وفرط الاستغراب لما بينهما من التفاوت العظيم من حيث اللذة مع اتحادهما في الشكل واللون كانهم قالوا هذا عين ما رزقناه فى الدنيا فمن اين له هذه الرتبة من اللذة والطيب ولا يقدح فيه ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه ليس في الجنة من أطعمة الدنيا الا الاسم فان ذلك لبيان كمال التفاوت بينهما من حيث اللذة والحسن والهيئة لا لبيان ان لا تشابه بينهما أصلا كيف لا واطلاق الأسماء منوط بالاتحاد النوعي قطعا وَأُتُوا بِهِ اى جيئوا بذلك الرزق او المرزوق في الدنيا والآخرة جميعا فالضمير الى ما دل عليه فحوى الكلام مما رزقوا في الدارين ونظيره قوله تعالى إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما اى بجنس الغنى والفقير مُتَشابِهاً فى اللون والجودة فاذا أكلوا وجدوا طعمه غير ذلك أجود وألذ يعنى لا يكون فيها رديئ وعن مسروق نخل الجنة نضيد من أصلها الى فرعها اى منضود بعضها على بعض اى متراكب ومجتمع ليس كاشجار الدنيا متفرقة أغصانها وتمرتها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى والعنقود اثنا عشر ذراعا ولو اجتمع الخلائق