على عنقود لا شبعهم وجاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم تزعم ان اهل الجنة يأكلون ويشربون فقال (نعم والذي نفس محمد بيده ان أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الاكل والشرب والجماع) قال فان الذي يأكل له حاجة والجنة طيبة ليس فيها أذى قال عليه السلام (حاجة أحدهم عرق كريح المسك) وَلَهُمْ فِيها اى في الجنة أَزْواجٌ اى نساء وحور مُطَهَّرَةٌ مهذبة من الأحوال المستقذرة كالحيض والنفاس والبول والغائط والمنى والمخاط والبلغم والورم والدرن والصداع وسائر الأوجاع والولادة ودنس الطبع وسوء الخلق وميل الطبع الى غير الأزواج وغير ذلك ومطهرة ابلغ من طاهرة ومتطهرة للاشعار بان مطهرا طهرهن وما هو الا الله سبحانه وتعالى قال الحسن هن عجائزكم العمص العمش طهرن من قاذورات الدنيا وعن ابن عباس رضى الله عنهما خلق الحور العين من أصابع رجليها الى ركبتيها من الزعفران ومن ركبتيها الى ثدييها من المسك الأذفر ومن ثدييها الى عنقها من العنبر الأشهب اى الأبيض ومن عنقها الى رأسها من الكافور إذا أقبلت يتلألأ نور وجهها كما
يتلألأ نور الشمس لاهل الدنيا وَهُمْ فِيها خالِدُونَ اى دائمون احياء لا يموتون ولا يخرجون منها قال عكرمة اهل الجنة ولد ثلاث وثلاثين سنة رجالهم ونساؤهم وقامتهم ستون ذراعا على قامة أبيهم آدم شباب جرد مرد مكحلون عليهم سبعون حلة تتلون كل حلة فى كل ساعة سبعين لونا لا يبزقون ولا يمتخطون وما كان فوق ذلك من الأذى فهو ابعد يزدادون كل يوم جمالا وحسنا كما يزداد اهل الدنيا هرما وضعفا لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم واعلم ان معظم اللذات الحسية لما كان مقصورا على المساكن والمطاعم والمناكح حسبما يقضى به الاستقراء وكان ملاك جميع ذلك الدوام والثبات إذ كل نعمة وان جلت حيث كانت في شرف الزوال ومعرض الاضمحلال فانها منغصة غير صافية من شوائب الألم بشر المؤمنون بها وبدوامها تكميلا للبهجة والسرور وفي التأويلات النجمية وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى يحصل لهم جنات القربة معجلة من بذر الايمان الحقيقي وأعمالهم القلبية الصالحة والروحية والسرية بالتوحيد والتجريد والتفريد من أشجار التوكل واليقين والزهد والورع والتقوى والصدق والإخلاص والهدى والقناعة والعفة والمروءة والفتوة والمجاهدة والمكابدة والشوق والذوق والرغبة والرهبة والخوف والخشية والرجاء والصفاء والوفاء والطلب والارادة والمحبة والحياء والكرم والسخاوة والشجاعة والعلم والمعرفة والعزة والرفعة والقدرة والحلم والعفو والرحمة والهمة العالية وغيرها من المقامات والأخلاق تجرى من تحتها مياه العناية والتوفيق والرأفة والعطفة والفضل كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من هذه الأشجار مِنْ ثَمَرَةٍ من ثمرات المشاهدات والمكاشفات والمعاينات رِزْقاً اى عطفا وصحة وعطية قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وذلك لان اصحاب المشاهدات يشاهدون أحوالا شتى في صورة واحدة من ثمرات مجاهداتهم فيظن بعضهم من المتوسطين ان هذا المشاهد هو الذي يشاهده قبل هذا فتكون الصورة تلك الصورة ولكن المعنى هو حقيقة اخرى مثاله يشاهد السالك نورا في صورة نار كما شاهد موسى عليه السلام نور الهداية في صورة نار كما قال انى آنست نارا فتكون تارة تلك