للوجدان عَداوَةً تمييز لِلَّذِينَ آمَنُوا متعلق بعداوة الْيَهُودَ مفعول ثان للوجدان وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا يعنى مشركى العرب معطوف على اليهود وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى إعرابه كاعراب ما سبق. اما عداوة اليهود والمشركين المنكرين للمعاد فلشدة حرصهم الذي هو معدن الأخلاق الذميمة فان من كان حريصا على الدنيا طرح دينه فى طلب الدنيا واقدم على كل محظور ومنكر فلا جرم تشتد عداوته مع كل من نال جاها او مالا. واما مودة النصارى فلانهم فى اكثر الأمر معرضون عن الدنيا مقبلون على العبادة وترك طلب الرياسة والتكبير والترفع وكل من كان كذلك فانه لا يحسد الناس ولا يؤذيهم بل يكون لين العريكة فى طلب الحق سهل الانقياد له انظر الى كفر النصارى مع كونه اغلظ من كفر اليهود لان كفر النصارى فى الألوهية وكفر اليهود فى النبوة واما قوله تعالى وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ فانما قاله طائفة منهم ومع ذلك خص اليهود بمزيد اللعنة دونهم وما ذاك الا بسبب حرصهم على الدنيا ويؤيده قوله عليه السلام (حب الدنيا رأس كل خطيئة) قال البغوي لم يرد به جميع النصارى لانهم فى عداوتهم للمسلمين كاليهود فى قتلهم المسلمين واسرهم وتخريب بلادهم وهدم مساجدهم وإحراق مصاحفهم لا مودة ولا كرامة لهم بل الآية نزلت فيمن اسلم منهم مثل النجاشي وأصحابه وكان النجاشي ملك الحبشة نصرانيا قبل ظهور الإسلام ثم اسلم هو وأصحابه قبل الفتح ومات قبله ايضا وقال اهل التفسير ائتمرت قريش ان يفتنوا المؤمنين عن دينهم فوثب كل قبيلة على من فيها المسلمين يؤذونهم ويعذبونهم فافتتن من افتتن وعصم الله منهم من شاء ومنع الله رسوله بعمه ابى طالب فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حل بأصحابه ولم يقدر على منعهم ولم يؤمر بعد بالجهاد أمرهم بالخروج الى ارض الحبشة وقال (ان بها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد فاخرجوا اليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجا) وأراد به النجاشي واسمه اصحمة بالمهملتين وهو بالحبشية عطية وانما النجاشي اسم الملك كقولهم قيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس فخرج إليها سرا أحد عشر رجلا واربع نسوة منهم عثمان ابن عفان وامرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجوا الى البحر وأخذوا سفينة الى ارض الحبشة بنصف دينار وذلك فى رجب فى السنة الخامسة من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه هى الهجرة الاولى ثم خرج جعفر بن ابى طالب وتتابع المسلمون إليها فكان جميع من هاجر الى الحبشة من المسلمين اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان
سعديا حب وطن گرچهـ حديثست صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
فلما علمت قريش بذلك وجهوا عمر بن العاص وصاحبه بالهدايا الى النجاشي وبطارقته ليردوهم إليهم فعصمهم الله فلما انصرفا خائبين واقام المسلمون هناك بخير دار وحسن جوار الى ان هاجر رسول الله وعلا امره وذلك فى سنة ست من الهجرة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى النجاشي على يد عمرو بن امية الضمري ليزوجه أم حبيبة بنت ابى سفيان وكانت قد هاجرت اليه مع زوجها فمات زوجها فارسل النجاشي الى أم حبيبة جارية يقال