للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقمر نزلن من السماء وسجدن له) فقال اليهودي اى والله انها لا سماؤها واعلم ان يوسف رأى اخوته فى صورة الكواكب لانه يستضاء بالاخوة ويهدى كما يهدى بالكواكب ورأى أباه وخالته ليا فى صورة الشمس والقمر وانما قلنا خالته لان امه ماتت فى نفاس بنيامين كما مر وسجودهم له دخولهم تحت سلطنته وانقيادهم كما سيأتى فى آخر القصة قال فى الإرشاد ولا يبعد ان يكون تأخير الشمس والقمر اشارة الى تأخر ملاقاته لهما عن ملاقاته لاخوته والاشارة بالأحد عشر كوكبا الى الحواس الخمس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والقوى الست الباطنة من المفكرة والمذكرة والحافظة والمخيلة والواهمة والحس المشترك فان كل واحدة من هذه الحواس والقوى كوكب مضيئ يدرك به معنى مناسب له وهو اخوة يوسف القلب لانهم تولدوا بازدواج يعقوب الروح وراحيل النفس كلهم بنوا اب واحد والاشارة بالشمس والقمر الى الروح والنفس ومقام كمالية الإنسان ان يكون للقلب سلطان يسجد له الروح والنفس والحواس والقوى كما سجد الملائكة لآدم اى تنقاد وتصير مسخرة مقهورة تحت يده وهذا هو الفتح المطلق الذي اشارت اليه سورة النصر وليس لوارث هذا المقام بقاء فى الدنيا غالبا اى بعد ان تحقق بحقيقته فافهم جدا وكان شيخنا الاجل الأكمل من هذا القسم روح الله روحه وأفاض علينا فتوحه وهم يختارون المقام عند ربهم إذا وصلوا الى نهاية مطالبهم كما قال المولى الجامى

اگر كنند بمن عرض دينى وعقبى ... من آستان تو بر هر دو جاى بگزينم

والموت انسب لكونهم فى مقام العندية لكون التفصيل البرزخى اكثر من التفصيل الدنيوي والافهم ليسوا فى الدنيا

ولا فى العقبى فى حياتهم ومماتهم ثم اعلم ان الرؤيا عبارة عن ارتسام صورة المرئي وانتقاشها فى مرآة القلب فى النوم دون اليقظة فالرؤيا من باب العلم ولكل علم معلوم ولكل معلوم حقيقة وتلك الحقيقة صورته والعلم عبارة عن وصول تلك الصورة الى القلب وانطباعها فيه سواء كان فى النوم او فى اليقظة فلا محل له غير القلب ولما كان عالم الأرواح متقدما بالوجود والمرتبة على عالم الأجسام وكان الامداد الرباني الواصل الى الأجسام موقوفا على توسط الأرواح بينها وبين الحق وتدبير الأجسام مفوض الى الأرواح وتعذر الارتباط بين الأرواح والأجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب والبسيط فان الأجسام كلها مركبة والأرواح بسيطة فلا مناسبة بينهما فلا ارتباط وما لم يكن ارتباط لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا امداد ولا استمداد فلذلك خلق الله عالم المثال برزخا جامعا بين عالم الأرواح وعالم الأجسام ليصح ارتباط أحد العالمين بالآخر فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الامداد والتدبير وهكذا شان روح الإنسان مع جسمه الطبيعي العنصري الذي يدبره ويشتمل عليه علما وعملا فانه لما كانت المباينة ثابتة بين روحه وبدنه وتعذر الارتباط الذي يتوقف عليه التدبير ووصول المدد اليه خلق الله نفسه الحيوانية برزخا بين البدن والروح المفارق فنفسه الحيوانية من حيث انها قوة معقولة هى بسيطة تناسب الروح المفارق ومن حيث انها مشتملة بالذات على قوى مختلفة متكثرة منبثة فى أقطار البدن متصرفة بتصرفات مختلفة ومحمولة ايضا فى البخار الضبابي الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>