للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل للفريعة أمّ الحجّاج «المتمنّية» لقولها في نصر بن حجّاج بن علاط بن خالد بن نويرة بن خالد بن حنثر بن نويرة بن هلال بن عبيد بن ظفر بن يهصر [البسيط]:

هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجّاج؟

إلى فتى ماجد الأعراق مقتبل ... سهل المحيّا كريم غير ملجاج

نمته أعراق صدق حين تنسبه ... أخو حفاظ عن المكروب فرّاج

سامي النواظر من بعد له مهل ... تضيء صورته في الحالك الداجي

٥ نعم الفتى في سواد الليل يطرقه ... لبائس ولملهوف ومحتاج (١)

وكانت تهوى نصرا هذا حتى ضرب بها المثل، فقيل: أصبّ من المتمنّية. وكان نصر أحسن أهل زمانه صورة فضنيت من حبّه ودنفت من الوجد به، ثمّ لهجت بذكره حتى سار ذكره هجّيراها. فمرّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة فسمعها، فتقول رافعة صوتها: هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... الأبيات- فقال عمر: «من هذه المتمنّية؟ » فعرّف خبرها، فلمّا أصبح أحضر المتمنّى، فلمّا رآه بهره جماله، فقال له: أنت الذي تتمنّاك الغانيات في خدورهنّ، لا أمّ لك؟

والله لأزيلنّ عنك رداء الجمال!

ثمّ دعا الحجّام فحلقه، ثمّ تأمّله فقال: «أنت محلوقا أحسن». فأمره أن يعتمّ فافتتن النساء بعمّته. فقال عمر: والله لا تساكنّي بلدا.

فقال: وأيّ ذنب لي في ذلك؟

قال: صدقت، الذنب لي إذ تركتك في دار الهجرة.

ثمّ أركبه جملا وسيّره إلى البصرة وكتب معه إلى مجاشع بن مسعود السلميّ: «إنّي صيّرت إليك المتمنّى نصر بن حجّاج السلميّ إلى البصرة».

فاستلب نساء المدينة لفظة عمر فضر بن بها المثل، فقلن: «أصبّ من المتمنّية»، فصارت مثلا. وقال نصر بن الحجّاج لمّا حلق [الطويل]:

لقد حسد الفرعان أصلع لم يكن ... إذا ما مشى بالفرع بالمتخايل

فصلّع رأسا لم يصلّعه ربّه ... يرفّ رفيفا بعد أسود جائل

واشتدّ على أمّ نصر غيبة ابنها، فعرضت لعمر بين الأذان والإقامة، فلمّا خرج يريد الصلاة قالت: يا أمير المؤمنين لأحاكمنّك بين يدي الله! أيبيت عبد الله وعاصم إلى جنبك، وبيني وبين ابني المفاوز والفيافي؟

قال لها: إنّ عبد الله وعاصما لم تهتف بهما الغواني العواتق في خدورهنّ.

وكتب نصر بن الحجّاج من البصرة إلى عمر:

سلام عليك، أمّا بعد [الطويل]:

لعمري لئن سيّرتني أو حرمتني ... لما نلت من عرضي عليك حرام

أإن غنّت الحسناء يوما بمنية ... وبعض أمانيّ النساء غرام

ظننت بي الأمر الذي ليس بعده ... عزاء، وما لي في النديّ كلام

ويمنعني ممّا ظننت تكرّمي ... وآباء صدق طاهرون كرام

٥ ويمنعها ممّا ظننت صلاتها ... وحصن لها في قومها وصيام


(١) عيون الأخبار ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>