للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشغول بصاحب الزنج وكثرة الفتن، فلم يبق أحد إلّا خافهم لقوّتهم وتمكّنهم في البلاد.

ومات عبدان، وكان منهم رجل يقال له مهرويه قد عرف بالثقة والدين، فانقاد إليه خلق كثير وقال: أنا من ولد عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وصار يركب في قبّة على جمل ويدعى بالسيّد، وكان له ابن يقال له زكرويه، أحد الدعاة، ومن الناس من يسمّيه الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فاتّهم زكرويه بقتل عبدان، فخاف ثمّ تحوّل من سواد الكوفة وأنفذ ابنه أبا الحسين إلى الشام، فكان صاحب الجمل. وقال قوم: بل خرج من الكوفة الحسين ونزل سلميّة فوجد بها بني أبي الملاحف، وهم: أبو عبد الله الحسين بن أحمد وأخواه (١) أبو العبّاس أحمد وحسن. فاستمالوه إلى القرمطة وحسّنوا له أن يدعو إلى أبيه محمد بن إسماعيل فأجابهم إلى ذلك.

وكان معه من أولاده أربعة، هم:

أبو القاسم أحمد بن الحسين صاحب الجمل،

وأبو الحسن علي صاحب الخال،

وأبو محمد عبيد الله الذي ملك إفريقيّة،

والقاسم الذي خرج مع أبيه الحسين بالهبير.

فخرج أبو القاسم أحمد في أوّل المحرّم سنة تسعين ومائتين في ألف رجل وتوجّه إلى الرقّة وقاتل عاملها سبك الديلمي وقتله وأخذ جميع ما في عسكره، وسار إلى دمشق فخرج إليه طغج بن جفّ عاملها من قبل أبي موسى هارون بن أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، فهزمه أقبح هزيمة وقتل أكثر من معه وأخذ أموالهم، ونجا طغج إلى دمشق، فنزل أبو القاسم على دمشق من

داريّا إلى المزّة وحصرها سبعة أشهر حتى قدم بدر الحمامي بجيوش مصر، فزحف إليهم وقد ركب جملا أحمر قدّام عسكره، وحوله مائة أسود بسيوف وحجف (٢)، فكان إذا أشار بكمّه إلى ناحية من عسكره حملوا على عساكر مصر وهزموهم، إلى أن انتدب له فارس من أهل مصر [ف] طعنه برمح أرداه عن الجمل ومات وقتل الفارس (٣).

وقام من بعد أبي القاسم أخوه أبو الحسن عليّ صاحب الخال، فمضى بمن معه عن دمشق.

فبعث إليه المكتفي أبا الأغرّ السلميّ، فلقيه على حلب وهزمه. فسيّر إليه محمد بن [٥١٠ أ] سليمان الكاتب فواقعه بناحية سلميّة وقتل من أصحابه ستّة آلاف رجل. وفرّ فقبض عليه وحمل إلى بغداد، فدخل على فيل في ثاني ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين، فصار يقول: «ألستم يا فسقة بقاياقتلة الحسين بن علي؟ » وضربت عنقه وعنق المدّثر ابن أخيه- واسمه عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد بن إسماعيل- وبقيّة أصحابه، وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة. وقيل: إنّه قتل هو وأخوه من أهل الشام والبوادي وأصحاب السلطان وأهل المدن ومن جند مصر ومن جند العراق نحو ستّمائة ألف إنسان.

ولمّا قتل المكتفي من ذكرنا غضب لذلك الحسين بن محمّد وجمع وسار إلى الكوفة وقتل جماعة ونهب. ثمّ سار وأخذ الحاجّ بأسرهم، فخرج إليهم جيش من بغداد وقاتلهم وقتلهم في ربيع الأوّل سنة خمس وتسعين [ومائتين]، وقتل الحسين بن محمد وابنه القاسم، وقتل معه زكرويه وسائر دعاته، فهذه جملة أخبار القرامطة


(١) في المخطوط: واخويه.
(٢) الجحفة: الترس من جلد.
(٣) في الكامل (سنة ٢٩٠): رماه بعض المغاربة بمزراق، وزرقه نفّاط بالنار فاحترق.

<<  <  ج: ص:  >  >>