للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقد جمعت بلا علم ولا أدب ... تيه الملوك وأخلاق المجانين [٣٤٩ أ]

فقتله حسن فيمن قتله في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

وقيل: بل صنع هذه الأبيات [ابن قادوس] ودسّها في رقاع ابن الأنصاريّ، ثمّ سعي به إلى الحسن ابن الحافظ، فوجدت معه فضرب رقبته.

قال صاحب الجنان: هو عريق النسب، في صناعة الأدب، يمتّ إليها بأوفى ذمام، ويضرب فيها بأخوال وأعمام. جدّه لأبيه المعتمد الأنصاريّ (١) وجدّه لأمّه المجيد ابن أبي الشخباء (٢)، وكان طموح النظر إلى الرتب العليّة، والمنازل السنيّة، تريه همّته أنّه بعبء الرئاسة مستقلّ فهو لكلّ مأملة مستقلّ. ولو فسح العمر له بامتداده، وسمح له الدهر بمراده، بلغ ما ظهر من أدبه، إلى غاية مطلبه.

إلّا أنّ الزمان دفع في صدر أمله، وقصّر خطى أجله. فترامت به الأحوال، إلى أن قتل في الاعتقال السلطانيّ لأمر نمى عنه، وهجاء زوّر عليه. فكأنّما أخبر عن حاله بمقاله [البسيط]:

من لي بعود زمان كنت أكرهه ... وكيف للميت بالرّجعى إلى الألم؟

ومن شعره [البسيط]:

سأصرف الهمّ عن قلبي بصافية ... تكاد تقبس منها جذوة النار

تدبّ نشوتها من قبل سورتها ... فليس تقتل إلّا بعد إنذار

وقال في خيمة الأفضل ابن أمير الجيوش التي سمّاها «خيمة الفرح» [البسيط]:

مولاي قد قصّرت عن شأوك الأمم ... وأبدت العجز منها هذه الهمم

أخيمة ما نصبت اليوم أم فلك ... ويقظة ما نراه منك أم حلم؟

ما كان يخطر في الأفكار قبلك أن ... تسمو علوّا على أفق السّهى خيم؟

حتى أتيت بها شمّاء شاهقة ... في مارن الدهر من تيه بها شمم (٣)

٥ إنّ الدليل على تكوينها فلكا ... أن احتوتك، وأنت الناس كلّهم

يمدّ من في بلاد الصين ناظره ... كيما يرى مصر علما أنّها علم

ترى الكناس وآرام الظباء بها ... أضحت تجاورها الآساد والأجم

والطير قد لزمت فيها مواضعها ... لمّا تحقّقن منها أنّها حرم

يغدو القماريّ والبازي يسالمها ... كأنّما جمعتها كلّها رحم

١٠ لديك جيش وجيش في مناكبها ... مصوّر، وكلا الجيشين مزدحم

إذا الصبا حرّكتها ماج موكبها ... فمقدم منهم فيها ومنهزم

أخيلها خيلك اللائي تغير بها ... فليس ينزع عنها السّرج واللجم؟

علّمت أبطالها أن يقدموا أبدا ... فكلّهم لغمار الحرب مقتحم

أمّنتهم أن يخافوا سطوة لردى ... فقد تسالمت الأسياف والقمم


(١) معتمد الدولة إسماعيل، ولي قضاء الأردنّ، وقتله بدر الجمالي (النجوم ٢٣٧ هـ ٢).
(٢) أبو علي الحسن بن عبد الصمد العسقلاني، مجيد الدين، قتل سنة ٤٨٦ (أخبار مصر لابن ميسّر ٢٩)، وانظر ترجمته الآتية رقم ١١٦٥.
(٣) المارن: طرف الأنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>