للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسقى الله من أحبّ بكفّي ... ك وأسقاك أيّ هذا الأمير (١)

وعند ما مات الأستاذ كافور الإخشيدي عقد الأمر بمصر من بعده للأمير أبي الفوارس أحمد بن علي ابن الإخشيد على أن يكون القائم بتدبير أمره الحسن بن عبيد الله.

وأنفذ إلى الشريف عبد الله بن عبيد الله أخي مسلّم، وهو بالرملة يلي تدبير أمر الشام أن يعقد البيعة لأبي الفوارس، فاختلفا وتحاربا فسار إليه تبر الإخشيدي من مصر وعقد نكاح فاطمة بنت الإخشيد على الحسن بمصر، وهو بالشام. وقيل:

ورد من قبله ودعي له على سائر المنابر بعد أبي الفوارس.

فلم يزل بالرملة إلى أن قدم أبو محمد الحسن بن أحمد كبير القرامطة إليها، فقاتلهم قتالا شديدا حتى انهزم منهم.

وسار في ذي الحجّة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة إلى مصر، فتلقّاه تبر إلى الفرما، وسار منها إلى تنيس، فعبر إلى مصر، ونزل بالمختار (٢) من الجزيرة في سلخ ذي الحجّة، وخرج إليه ابن الفرات والناس.

وركب من المختار يوم الجمعة لليلتين خلتا من المحرّم سنة ثمان وخمسين بالسواد (٣) في جميع العسكر إلى الجامع العتيق، فصلّى الجمعة ومعه ابن الفرات، فدعي له بعد الأمير أبي الفوارس.

ونزل بدار الإمارة وكثر له الدعاء وكان يوما مشهودا.

فقبض على أبي الفضل جعفر بن الفرات الوزير وعذّبه وصادره وقبض على جماعة. وأقام في الوزارة كاتبه الحسن [٣٥٦ أ] بن جابر الرياحيّ (٤)، فأتته رسالة القرامطة بطلب المال وغيره.

وأعرس بفاطمة بنت عمّه الإخشيد في ثامن صفر. وخرج من مصر يريد الشام في ثالث ربيع الآخر [سنة ٣٥٨] ومعه شمول في جماعة من القوّاد والجند. ونزل على ظاهر دمشق فأقام مدّة أشهر إلى أن قدم جوهر القائد إلى مصر في شعبان منها، وبعث جعفر بن فلاح بالعساكر إلى بلاد الشام.

فسار الحسن في شهر رمضان من دمشق، واستخلف عليها شمولا الإخشيديّ، ونزل بالرملة وتأهّب للقتال، فوافقه القرامطة ولقيهم فهزموه في ذي الحجّة، ثمّ جرى بينه وبينهم صلح وصاهرهم، ورحل القرامطة.

فكتب إلى شمول بأن يسير إليه ليجتمعا على حرب جعفر بن فلاح، فتقاعد عنه لحقد كان في نفسه منه، وصار يكاتب جوهرا القائد بمصر.

فبينا هو في ذلك إذ قدم جعفر بن فلاح بالعساكر فلقيه وحاربه فانهزم، وأخذ السيف عسكره فقتل كثير منهم، وأخذ أسيرا في النصف من شهر رجب سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.


(١) هذه الأبيات في ديوانه (شرح العكبري ٢/ ١٤٦)، وكلام المقريزي يوهم أنّ أبا الطيّب لم يمدح الحسن بن عبيد الله بن طغج. والواقع أنّه مدحه بقصيدة ميميّة معروفة [الطويل]:
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم ... علمت بما بي بين تلك المعالم
وكان ذلك أثناء اضطرابه الأوّل بالشام، سنة ٣٣٦، فلمّا فارق سيف الدولة وقصد كافورا، سنة ٣٤٦، رغب إليه أمير الرملة فاعتذر بهذه الأبيات (انظر: عبد الوهاب عزّام: ذكرى أبي الطيّب بعد ألف عام، القاهرة ١٩٥٦، ص ٧٧ - ٧٨).
(٢) «البستان المختار» أحد منتزهات جزيرة الروضة.
(٣) السواد: شعار العبّاسيّين.
(٤) تأتي ترجمته رقم ١١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>