للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأنصاريّ، الحمويّ، الشافعيّ، الفقيه، الأديب، الشاعر البارع.

تفقّه بدمشق، وسمع بها من الحافظ أبي القاسم علي، وأبي الحسين هبة الله، ابني الحسن [بن عساكر] (١)، الدمشقيّين، وأبي الحسن علي بن سليمان المراديّ (٢). وسمع أيضا بها من الوزير أبي المظفّر سعيد بن سهل الفلكيّ (٣).

وقدم مصر في زمان الصالح طلائع بن رزّيك ومدح بها جماعة من الملوك. وسمع بالإسكندريّة من الحافظ أبي الطاهر أحمد بن محمد السلفيّ.

وسافر إلى الغرب فأسره فرنج صقلّيّة، وأقام في الأسر طويلا، ثمّ أطلق، وعاد إلى حماة.

وحدّث بمصر وغيرها، روى عنه أبو الفتوح عبد السلام بن يوسف الدمشقيّ وغيره. وختم له بالشهادة مع ما كان من الخير، فتوفّي شهيدا بظاهر عكّا في شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة، ومولده بحماه في الثامن من صفر سنة خمس عشرة وخمسمائة.

وقال فيه العماد الكاتب: شعر ابن رواحة روح الشعر وروح السرّ وريحان أهل الأدب، وراحة ذي النغب، معنى لائق، ولفظ رائق، ورويّ شائق، وكلام فائق، وأسلوب موافق. سمح الغريزة، سهل النحيزة، مغسول الكلم، معسول الحكم، لا يركب إلّا الذلول، الذي يسلب العقول، إن أقصد

بلغ المقصد، وإن أقطع أحسن المطلع والمقطع، وإن نسب أهبّ نسم النسيب متارح الربى، وإن تغزّل شبّه بالغزالة والغزال الحبيب.

ومن شعره يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم [الطويل]:

دع العيس في طيّ الفلا تبلغ المدى ... فقد ألهمت أنّ المسير على هدى

أنصّ لها في سيرها بأناملي ... يدا كلّما نصّت إلى يثرب يدا

[٣٨٧ أ] لقد غنيت بالوجد عن جاذب البرا ... كما شغلت بالشّوق عن شائق الحدا

ولم أر في الأيّام يوما مباركا ... عليّ كيوم زرت فيه محمّدا

وقال [الهزج]:

حبيب جار واستعدى ... على عاشقه عمدا

وأبدى ضدّ ما أخفى ... وأخفى ضدّ ما أبدى

أما والله لا أسلو ... ولو أوسعني بعدا

وهل يرضى أخو الإسلا ... م أن يصبح مرتدّا؟

وقال [الكامل]:

ما لي على السلوان عنك معوّل ... فإلام يتعب في هواك العذّل؟

يزداد حبّك كلّ يوم جدّة ... فكأنّ آخره لقلبي أوّل

وقال الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنذريّ:

قال أبو الفتوح عبد السلام بن ثقيف بن محمد بن مقلّد الدمشقيّ: لقيته- يعني ابن رواحة- بحماه، فرأيت منه بحرا يقذف من ألفاظه جواهر تروق الأسماع، وتشوق الطباع، إن نثر جاء بدرّ السحاب،


(١) زيادة من العبر ٤/ ١٨٤: وفاة الصائن هبة الله بن عساكر سنة ٥٦٣. وأخوه أبو القاسم هو الحافظ ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق- أعلام النبلاء. ٢٠/ ٤٩٥ (٣١٤) و ٥٥٤ (٣٥٤).
(٢) أبو الحسن القرطبيّ الشقوري (ت ٥٤٤) أعلام النبلاء، ٢٠/ ١٨٧ (١٢٢).
(٣) سعيد بن سهل النيسابوري (ت ٥٦٠) أعلام النبلاء، ٢٠/ ٤٢٢ (٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>