للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نشأ بدمشق. كان أبوه أمير جاندار صاحب الروم. وقدم إلى مصر في الأيّام الظاهريّة سنة خمس وسبعين وستّمائة فيمن قدم من الروميّين، ومعه ابنه حسين. وخدم الأمير حسام الدين لاجين أيّام كان نائب دمشق في الأيّام المنصوريّة قلاوون قبل سلطنته، ونادمه في خلواته، وخرج معه للصيد غير مرّة. فلمّا ولي السلطنة استدعاه إلى مصر وخلع عليه، ثمّ أعاده إلى دمشق. واستدعاه مرّة ثانية وأنعم عليه بإمرة عشرة.

فلمّا قتل لاجين وعاد الملك الناصر محمد بن قلاوون بعده إلى السلطنة مرّة ثانية، استمرّ على إمرته. وسار مع الأمير آقوش الأفرم إلى دمشق صحبة الطلب. وأقام بدمشق على إمرة طبلخاناه.

وأعجب به الأفرم ونادمه إلى أن فرّ من دمشق عند قدوم الملك الناصر محمد طالبا لأخذ السلطنة من الملك المظفّر بيبرس. فلحق بالسلطان ودخل معه ومع خواصّه. فجهّزه إلى الكرك ومعه الأمير تنكز حتى أحضرا الخزانة. وقدم معه إلى مصر، فكان في طريقه إليها إذا مرّ مع السلطان بصيد، أخذ الصقر وقال له: يا خوند، إن كنّا نملك مصر فهذا الطير يأخذ هذه الرميّة- ويتحيّل فيرميه لا يخطئ، ويقول: هذا بسعادة السلطان.

فحلّ من قلبه محلّا كريما: فإنّه كان محظوظا في الصيد لا يكاد يفوته شيء منه بسائر أنواعه.

فلمّا ملك مصر [بعد] فرار المظفّر، أنعم عليه بإمرة مائة تقدمة ألف، وأفرد له زاوية من طيور الجوارح، فكان أمير شكار مع الأمير كوجري.

وسافر مع السلطان إلى دمشق سنة ثنتي عشرة [وسبعمائة] وأقام بها حتى عاد السلطان من الحجاز، لما أصابه من كسر رجله. فكان الأمير تنكز نائب الشام يحضر لزيارته وعيادته كلّ قليل.

وقدم مع السلطان إلى مصر وحظي عنده، وتوفّرت حرمته. وكان من خواصّ الأمير طغاي الكبير فحلا بقلوب الخاصّكيّة، ولذلك سلم عند القبض على طغاي، إلى أن كانت سنة إحدى وعشرين، [ف] أخرج من مصر. وسبب ذلك أنّه أنشأ جامعا بجوار بيته خارج القاهرة على ضفّة الخليج من غربيّه بحكر جوهر النوبيّ، وأنشأ على الخليج قنطرة تتّصل به من خطّ بين السورين، وقصد فتح خوخة في السور ما بين باب سعادة وباب القنطرة يتوصّل منها إلى حارة الوزيريّة. فلم يمكّنه الأمير علم الدين سنجر المسروريّ متولّي القاهرة من ذلك [٤٥٠ أ]، حتى استأذن السلطان في فتحها وأذن له. ففتح بابا كبيرا، وعمل عليه رنكه وقال للمسروريّ: قد فتحت الخوخة على رغم أنفك! - فامتعض [٤١٢ أ] لذلك، وقال للسلطان: إنّ أمير حسين قد خرق في سور القاهرة بابا نحو باب زويلة وعمل رنكه عليه وعمل سلطانا على البارد (١). وما جرت عادة قطّ بفتح باب في سور المدينة (٢).

فغضب من ذلك وأخرجه من يومه إلى دمشق على إقطاع الأمير جوبان وإمرته. ونقل جوبان إلى مصر.

ثمّ أعاده إلى مصر، فقدم يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الأولى سنة سبع وعشرين [وسبعمائة] وخلع عليه أطلس بطرز زركش وكلفتاه زركش وحياصة مكوسجة (٣)، وأنعم عليه بتقدمة الأمير بهاء الدين أصلم. فاستمرّ حتى مات يوم [ ... ] سادس المحرّم سنة تسع وعشرين وسبعمائة،


(١) على البارد: من غير تعب مثل قولهم: الغنيمة الباردة، التي لا مشقّة في الحصول عليها (النهاية والتاج في برد).
وكأنّها هنا من كلام العامّة، ولكنّها فاتت دوزي.
(٢) السلوك ٢/ ٢١٥.
(٣) هكذا في المخطوط، ولم نفهمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>