للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أبي أيّوب ومصعب بن عمير. ولم يزل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة. فلمّا توفّي النبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يخرج منها حتّى كانت خلافة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فسار معه من المدينة وشهد معه الجمل وصفّين والنهروان.

وذكر أبو سليمان بن زبر (١) أنّه سكن دمشق وشهد فتح مصر. وقال شعبة: سألت الحكم: أشهد أبو أيّوب صفّين؟

قال: لا، ولكنّه شهد النهروان.

وقال الكلبي وابن إسحاق، وغيره: شهد أبو أيّوب مع عليّ الجمل وصفّين، وكان على مقدّمته يوم النهروان.

ومات بالقسطنطينيّة في زمن معاوية بن أبي سفيان سنة خمسين- وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين- تحت راية يزيد بن معاوية.

وله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عدّة أحاديث، لأهل مصر عنه سبعة أحاديث أغربوا بها، إلّا حديثا واحدا رواه الناس معهم، وهو حديث البصل.

وحدّث عن أبيّ بن كعب، وأبي هريرة. وحدّث عنه البراء بن عازب، وأبو أمامة، وأسلم التجيبيّ، وأفلح مولاه، وجبير بن نفير، وعبد الله بن حنين، وعبد الله بن يزيد الخطميّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعروة بن الزبير، وعطاء بن يزيد الليثيّ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن.

وحدّث عنه [٤٢٦ ب] من أهل مصر أبو رهم السماعيّ، وجبريل بن هاغان الناشريّ، ومرثد بن عبد الله اليزنيّ، وعبد الرحمن بن جبريل بن ناشرة الكنعيّ، وزياد بن أنعم

الشعبانيّ (٢)، وأسلم مولى تجيب. وحدّث عنه سوى من ذكرنا خلق.

وأخباره كثيرة. قال مرثد بن عبد الله اليزنيّ:

قدم علينا أبو أيّوب مصر غازيا، وعلينا عقبة بن عامر، فحبس عقبة المغرب. فلمّا صلّى قام إليه أبو أيّوب: يا عقبة، [أ] هكذا رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلّي المغرب؟ أما سمعته يقول: لا تزال أمّتي بخير- أو: على الفطرة- ما لم يؤخّروا المغرب حتى تشتبك النجوم؟

قال: بلى.

قال: فما حملك على ما صنعت؟

قال: شغلت.

فقال أبو أيّوب: أما والله، ما بي إلّا أن يظنّ الناس أنّك رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم فعل هذا.

وقال الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ:

قال أبو أيّوب: من أراد أن يكثر علمه، ويعظم حلمه، فليجالس غير عشيرته.

وقال حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن عبد الله بن عبّاس: إنّ أبا أيّوب غزا الروم، فمرّ على معاوية فجفاه. فلمّا مرّ من غزوته جفاه ولم يرفع به رأسا. فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنبأني أنّا سنرى بعده أثره.

فقال معاوية: فبم أمركم؟

فقال: أن نصبر.

قال: فاصبروا إذن!

فأتى ابن عبّاس بالبصرة وقد وليها لعليّ رضي الله عنه، فقال: يا أبا أيّوب، إنّي أخرج [لك] عن مسكني كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم- فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كلّ شيء أغلق عليه


(١) ابن زبر الربعيّ، أبو سليمان: محمد بن عبد الله (ت ٣٧٩): أعلام النبلاء ١٦/ ٤٤٠ (٣٢٦).
(٢) ترجم له المالكي في رياض النفوس ١/ ١٢٩ (٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>