للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أغضبت عبّاد عيسى إذ أبدتهم ... لله أيّ رضى في ذلك الغضب

وأطلع الله جيش النصر فابتدرت ... طلائع الفتح بين السّمر والقضب

وأشرف المصطفى الهادي البشير على ... ما أسلف الأشرف السلطان من قرب

٣٠ فقرّ عينا بهذا الفتح وابتهجت ... بفتحه الكعبة الغرّاء في الحجب

وسار في الأرض سير الريح سمعته ... فالبرّ في طرب والبحر في حرب

وخاضت البيض في بحر الدماء وما ... أبدت من البيض إلّا ساق مختضب

وغاص زرق القنا في زرق أعينهم ... كأنّها شطن تهوي إلى قلب

توقّدت وهي غرقى في دمائهم ... فزادها الطّفح منها شدّة اللهب

٣٥ أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم ... فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب

وذاب من حرّها عنهم حديدهم ... فقيّدتهم به ذعرا يد الرّهب

تحكّمت وسطت فيهم قواضبها ... قتلا وعفّت لحاويها عن السّلب

كم أبرزت بطلا كالطّود قد بطلت ... حواسّه فغدا كالمنزل الخرب

كأنّه وسنان الرمح يطلبه ... برج هوى ووراه كوكب الذّنب

٤٠ بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت ... بك الممالك واستعلت على الرّتب

ما بعد عكّا وقد لانت عريكتها ... لديك شيء تلاقيه على تعب

فانهض إلى الأرض فالدّنيا بأجمعها ... مدّت إليك فواصلها بلا نصب

كم قد دعت وهي في أسر العدى زمنا ... صيد الملوك فلم تسمع ولم تجب

أتيتها يا صلاح الدين معتقدا ... بأنّ داعي صلاح الدين لم يخب

أسلت فيها كما سالت دماؤهم ... من قبل إحرازها بحرا من الذهب ٤٥

أدركت ثأر صلاح الدين إذ غصبت ... منه لسرّ طواه الله في اللّقب

وجئتها بجيوش كالسيول على ... أمثالها بين آجام من القضب

وحطتها بالمجانيق التي وقفت ... إزاء جدرانها في جحفل لجب

مرفوعة نصبوا أضعافها فغدا ... للكسر والحطم منها كلّ منتصب

ورضتها بنقوب ذلّلت شمما ... منها وأبدت محيّاها بلا تعب ٥٠

وغنّت البيض في الأعناق فارتقصت ... أبراجها لعبا منهنّ باللّعب

وخلّقت بالدم الأسوار فانفغمت ... طيبا ولولا دماء الخبث لم تطب

وأبرزت كلّ خود كاعب نثرت ... رءوسهم حين زفّوها بلا طرب [٤٤٣ أ]

باتت وقد جاورتنا ناشزا وغدت ... طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب

بل أحرزتهم ولكن للسيوف لكي ... لا يلتجي أحد منهم إلى الهرب ٥٥

وجالت النار في أرجائها وعلت ... فأطفأت ما بصدر الدين من كرب

أضحت أبا لهب تلك البروج وقد ... كانت بتعليقها حَمَّالَةَ الْحَطَبِ

وأفلت البحر منهم من يخبّر من ... يلقاه من قومه بالويل والحرب

<<  <  ج: ص:  >  >>