محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وكثير من الناس ينكر هذا النسب ويقول إنّه ليس بعلويّ، وأنّه حسن بن زكرويه بن مهرويه أحد دعاة قرمط.
وكان زكرويه من أهل سواد الكوفة وهو الذي قتل عبدان داعية قرمط. فلمّا طلبه الدعاة ليقتلوه بعبدان، استتر وتنقّل في القرى بالسواد مدّة، سنة ستّ وسنة سبع وثمانين ومائتين.
ثم بعث ابنه الحسن في سنة ثمان وثمانين ومائتين إلى الشام ومعه أبو الحسين الحسن بن أحمد من القرامطة، فنزل في بني كلب وانتسب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر وادّعى أنّه الإمام فاستجاب له فخذ من بني العليص وطائفة من بني الأصبع بن كلب، وبايعوه. فبعث إليه زكرويه رجلا يلقّب بالمدّثر وتسمّى بعبد الله وتأوّل أنّه المذكور في القرآن بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ. ويقال إنّ هذا الرجل هو ابن أخت عيسى بن مهرويه، وضمّ معه أيضا غلاما من بني مهرويه يلقّب ب «المطوّق»، وكان سيّافا.
وكتب معه إلى ابنه الحسن بن زكرويه يعرّفه أنّه ابن الحجّة ويأمره بالسمع والطاعة له. فتلقّاه الحسن بن زكرويه وسرّ به وجمع له الجمع وقال:
«هذا صاحب الإمام». فامتثلوا أمره وقالوا: مرنا بما أحببت.
فقال: استعدّوا للحرب، فقد أظلّكم النصر.
ففعلوا. وخرج إليه شبل مولى المعتمد في سنة تسع وثمانين ومائتين فقاتلوه وقتلوه بالرّصافة غربيّ الفرات، وأخذوا الرصافة ونهبوها وتوجّهوا [٧ ب] نحو الشام ينهبون القرى. فتهاون طغج بهم حتى قدموا أطراف دمشق فخرج إليهم بغير أهبة ولا عدّة، لاستخفافه بشأنهم. فلقوه وهزموه أقبح هزيمة وقتلوا كثيرا من رجاله ونزلوا على دمشق.
فبعث إلى مصر يطلب النجدة، فخرج إليه بدر الحمّاميّ (١*) وفائق في جيش كبير، وسارا إلى دمشق. فخرج إليهم طغج بعد ما أقام محصورا من القرامطة سبعة أشهر، وفني أكثر الناس وخرب البلد.
وكان المطوّق يحضر الحرب على ناقة ويقول لأصحابه: لا تسيروا من مصافّكم حتى تنبعث بين أيديكم، فإذا سارت فاحملوا، فإنّه لا تردّ لكم راية إذ كانت مأمورة. فسمّي صاحب الناقة.
فلمّا وصلت جيوش مصر اجتمعوا مع طغج على محاربة صاحب الناقة، وقاتلوه خارج دمشق فقتل بسهم- ويقال بحربة- فجالد أصحابه عسكر بدر وطغج حتى انحازوا عنهم.
وساروا عن دمشق فبايعوا الحسن بن زكرويه- ويقال: بل اسمه أحمد بن عبد الله. ويقال:
عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق فيما يزعم، ويعرف بصاحب الخال من أجل خال كان في وجهه- فسار بهم حتّى افتتح عدّة من مدائن الشام، وظهر على جند حمص وقتل خلقا من قوّاد المصريّين وأجنادهم. وتسمّى بأمير المؤمنين [ ... ] وخطب له على المنابر.
وسار نحو الرقّة في سنة تسعين ومائتين، وقتل عاملها. ثم عاد إلى دمشق وجعل ينهب ما مرّ به من القرى ويسبي ويحرق. فلمّا قارب دمشق أخرج إليه طغج جيشا كثيفا فهزمه القرمطيّ وقتل أكثر من خرج إليه. فبلغ ذلك أمير المؤمنين المكتفي بالله فندب أبا الأغرّ السلميّ وضمّ إليه عشرة آلاف من الجند والموالي والأعراب وخلع عليه لثلاث عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسعين ومائتين.
(١*) مرّت ترجمة بدر الحمّامي برقم ٩١٢.