خدم الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل.
ثمّ نكبه في سنة أربع وثلاثين وستّمائة، واحتاط على ماله. وسبب سخطه عليه أنّه وشي به أنّه كاتب الملك الكامل.
فقدم إلى مصر وما زال بها حتى مات في يوم الجمعة التاسع من شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستّمائة.
وكان صدرا كبيرا محتشما وافر الحرمة، ظاهر الفخامة، كثير التيه والصلف مع جهل إلى الغاية.
ولمّا اجتمع الملك الأشرف بالملك الكامل في مصر، ركبا في يوم كسر الخليج، ودخل الفلك المسيري بينهما، ثمّ التفت إلى الملك الكامل وقال، يا خوند، ترى أيّ شيء يقول الناس إذا رأوا المملوك بين السلطان وبين الملك الأشرف؟
قال الملك الأشرف: يقولو [ن]: نصفع الفلك.
فقال: يا خوند، كنت غنيّا عن هذا السؤال.
ولبعض الأدباء فيه [المتقارب]:
غدا ابن المسيريّ في عصرنا ... لنا ضحكة أينما قد سلك
إذا ما تجعمص في منصب ال ... وزارة فاضرط له في الحنك
يقول الأنام إذا ما رأوه ... من الغبن بظر عيال الفلك
وفيه أيضا، ويقال إنّ فخر القضاة ابن بصاقة (١) نظمها وعزاها إلى النصير الأخميمي:
صعب القيادة يا فلك ... تنقاد لك
إيش هو فلك، وإيش هو مسير ... حتى يجي منها وزير؟
والله ولا راعي حمير ... كنت أجعلك!
ترضي غلامك بالنهار ... مرّات وبالليل زاد مرار
بالصاحب ازعق لي جهار ... قع طز في جوف لحيتك
اسمك مقار ما تعربه ... والمال بالفول تحسبه
لو كان في الدنيا خبير ... كان ركبك فوق الحمير
والسرج بالصاد [ت] كتبه ... ما أجهلك!
والبوق خلفك والنفير ... وأنا أندلك
خلّي القيادة والفضول ... كم ذا تخاصم كم تصول
وتدّعي أنك رسول ... من أرسلك؟
لو كنت أملك يا قبق ... أمرك جعلتك في الحلق
عريان وفي عنقك حلق ... وأنا أنطلك
وكان له غلام في غاية الحسن والجمال، يعلّمه الغناء، سمّاه أزبك ولقّبه بدر الدين. فقال فيه عماد الدين أبو محمد القاسم ابن شمس الدين أبي بكر محمد بن [٤٣ ب] سعيد بن ندي الجزري دو بيت، وهو:
البدر بدا من صدغه في حلك ... والعقل غدا من حبّه في شرك
تحت الفلك الخلق كثير لكن ... ما مثلك يا أزبك تحت الفلك
(١) ابن بصاقة: نصر الله بن هبة الله أبو الفرج الكاتب (ت ٦٤٦ - حسن المحاضرة، ١/ ٥٦٧.