للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى آل أبي طالب. فقال له داود بن عليّ: لا تتولّ قتله فيحتجّ عليك أبو مسلم بذلك. ولكن اكتب إليه فليوجّه من يقتله.

فدعا أبو العبّاس أخاه أبا جعفر وذاكره أمر أبي سلمة وقال: والله ما أدري، لعلّ الذي كان منه عن رأي أبي مسلم؟ وما لها غيرك. اخرج إلى أبي مسلم مهيبا بما وهب الله لنا وبنجح سعيه فيما قام به من أمرنا، وخذ البيعة عليه، وأعلمه ما كان من أمر أبي سلمة، واعرف رأيه، وعرّفه الذي نحن عليه من شكره ومعرفة حقّه.

(قال) فخرجت إلى خراسان في ثلاثين رجلا، منهم إسحاق بن [٧٧ أ] الفضل الهاشميّ، والحجّاج بن أرطأة، ونحن على وجل. فلمّا شارفت مرو تلقّاني أبو مسلم. فلمّا دنا منّي نزل وقبّل يدي. فقلت: «اركب! » فركب. وقدمت مرو فنزلت دارا. ومكث ثلاثة أيّام لا يسألني عن شيء. ثم قال لي: ما أقدمك يا أبا جعفر؟

فأخبرته. فقال: قد تقدّمت بيعتي وأخذتها لأمير المؤمنين قبل قدومك على من قبلي. ولكنّي أماسحك له (١).

فماسحني ثم قال: أفعلها أبو سلمة؟

قلت: قد فعلها.

فقال: أكفيكموه.

ودعا بمرّار بن أنس الضبّي فقال: انطلق إلى حفص بن سليمان (٢) فاقتله حيث لقيته!

فقدم مرّار الكوفة. وكان أبو سلمة يسمر عند أبي العبّاس. فقعد له في بعض الليالي على طريقه، فلمّا خرج قتله. فقالوا: قتلته الخوارج- فقال أبو اللفائف الأسديّ [الخفيف]:

ويح من كان مذ ثلاثون حولا ... يبتغي حتف نفسه غير آل

لم يزل ذاك دأب كفّيه حتّى ... عضّه حدّ صارم في القذال

كاده الهاشميّ منه بكيد ... حيلة غير حيلة الخلّال

وقال المفضّل الضبّي: كتب أبو العبّاس بخطّه أو بإملائه كتابا مع أبي جعفر بن العنات (١*) حين وجّهه إلى خراسان: إنّه لم يزل من رأي أمير المؤمنين وأهل بيته الإحسان إلى المحسن والتجاوز عن المسيء ما لم يكد دينا. وإنّ أمير المؤمنين قد وهب جرم حفص بن سليمان وترك إساءته لإحسانك إن أحببت ذلك.

فلمّا قرأ أبو مسلم الكتاب، وجّه مرّار بن أنس إلى الكوفة لقتل حفص حيث ثقفه (٢*). وكتب: إنّه لا يتمّ إحسان أحد حتّى لا تأخذه في الله لومة لائم. وقد قبلت منّة أمير المؤمنين وآثرت الانتقام له.

فقتل مرّار أبا سلمة غيلة. وقيل: قتلته الخوارج. وأمر أبو العبّاس أخاه يحيى بن محمد بالصلاة عليه.

وقال الهيثم بن عديّ: كان أبو مسلم يكتب إلى أبي سلمة: «لوزير آل محمد من عبد الرحمن بن مسلم أمين آل محمّد». فكتب أبو العبّاس إلى أبي مسلم يعلمه الذي كان من تدبيره في صرف الأمر عنه ونكثه بيعة الإمام، فكتب أبو مسلم يشير بقتله، فكتب إليه: «أنت أولى بالحكم فيه، فابعث من يقتله». فوجّه مرّار بن أنس الضبّيّ فلقيه ليلا فأنزله عن دابّته ثم ضرب عنقه. ثم جمع أبو


(١) ماسحه فتماسحا: بايعه وصافقه (اللسان) ولم يذكر النفاق والخدعة في المادّة كما فعل دوزي.
(٢) حفص بن سليمان هو أبو سلمة.
(١*) قراءة ظنّيّة.
(٢*) ثقف الرجل: ظفر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>