للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكره ذلك لما أعطاه من الأمان. فكتب إليه ثانيا يأمره بقتله وأن لا يراجعه في أمره. فأمر أبو جعفر الحسن بن قحطبة بقتله فأبى. فقال خازم بن خزيمة: «أنا أقتله! » وساعده جماعة، فداروا في القصر ثم دخلوا على ابن هبيرة، وعليه قميص مصريّ وملاءة مورّدة أو صفراء، ومعه ابنه داود وكاتبه عمر بن أيّوب (١) وعدّة من مواليه، وقد دعا بحجّام ليحتجم. فلمّا رآهم مقبلين نحوه سجد، فضرب بالسيوف حتى مات وقتل ابنه ومن كان معه. ويقال: بل جرّوه برجله حتى أنزلوه عن فراشه ثم قتلوه. وجاءوا برأسه ورءوس من كان معه إلى أبي جعفر. وأخذ عثمان بن نهيك سيف حوثرة بن سهيل فضرب به عنقه. وفعل بمحمد بن نباتة وبيحيى بن حضين بن المنذر مثل ذلك.

وكان معن بن زائدة وفد على أبي العبّاس ببيعة ابن هبيرة وأقام بالكوفة فسلم.

وكان ابن هبيرة إذا رأى وهنا وضعفا في أمره أنشد [السريع]:

والثوب إن أسرع فيه البلى ... أعبى على ذي الحيلة الصانع

كنّا نداريها فقد مزّقت ... واتّسع الخرق على الراقع

وقال الهيثم بن عديّ: كان زياد بن صالح الحارثيّ مع ابن هبيرة فكتب إليه أبو العبّاس: إنّ لك قرابة وحقّا- وأرغبه، فخرج إليه فانكسر ابن هبيرة وطلب الأمان. (قال) ولمّا أمن ترك بواسط.

فكتب أبو مسلم إلى أبي [٨٥ أ] العبّاس: «إنّه قلّ طريق سهل فيه حجارة إلّا أضرّت بأهله، ولا يصلح والله لكم أمر دونه ابن هبيرة، فاقتلوه عاجلا! فلست آمن أن يكيدكم». فوجّه أبو العبّاس

رسولا إلى أبي جعفر بكتاب معه يعزم عليه فيه ليقتله. فوجّه أبو جعفر أبا خزيمة ومعه الهيثم بن شعبة والأغلب بن سالم وسلّام (١*) الحاجب في جماعة، فدخلوا رحبة القصر وأرسلوا إلى ابن هبيرة: إنّا نريد حمل ما في الخزائن.

فقال: افعلوا.

فدخلوا الخزائن، فوكّلوا بكلّ خزانة جماعة، ثم دخلوا عليه فقتلوه، ونادى منادي المنصور:

«أمّن خلق الله إلّا عمر بن ذرّ، والحكم بن عبد الملك بن بشر، وخالد بن سلمة المخزوميّ! » وقتل من وجوه أصحاب ابن هبيرة خمسون.

ونودي: «يا أهل الشام، الحقوا بستانكم فاشهدوا أسماءكم هناك». ووجّه إلى المثنّى بن يزيد بن عمر فقتله. واستخلف بواسط الهيثم بن زياد الخزاعيّ.

وقال أبو الحسن المدائني عن مسلم بن المغيرة قال: كنت مع أبي أيّوب الخوزي في عسكر أبي جعفر، وكان لأبي جعفر بيت قد بني له ومضربه محيط به. وكان في ستارة المضرب خلل، فكنت انظر منه. فرأيت الحسن بن قحطبة إلى جانب أبي جعفر يحدّثه. ثم دعي بحوثرة بن سهيل فجاءعثمان بن نهيك فأخذ سيفه. فأراد أن يتكلّم ثم سكت. فأدخل البيت وأغلق عليه. ثم خرج سلّام حاجب أبي جعفر فدعا بمحمّد بن نباتة فصنع به مثل ذلك. ثم خرج فقال: «أين يحيى بن الحضين؟ » ثم دعا ببسر بن عبد الملك بن بشر- أو قال: بالحكم بن عبد الملك- فقام ومعه أخوه أبان، فقال: «ما فرّق بيني وبينه شيء قطّ». ثم دعا بخالد بن سنان المرّي، وكان على شرطة ابن هبيرة. ثم قتل خالد بن سلمة المخزومي وابنه. ثم


(١) في الوفيات ٦/ ٣١٧: عمرو بن أيّوب.
(١*) في الكامل ٤/ ٣٣٨: الهيثم بن شعبة بن ظهير وسلام بن سليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>