للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحقت إبراهيم البئّار ولا سمعت منه! - وأساء الثناء عليه.

وذكر أبو عبد الله محمد بن محمود بن النّجار عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسيّ أنّه قال:

كان أبوه يحفر الآبار. ورحل في صغره فسمع ببغداد، ورجع منها إلى أصبهان، ولم يتجاوزها.

ثمّ رحل إلى خراسان وأدرك الأستاذ ولم يقتصر على ذلك حتى مدّ يده إلى من لم يره من أهل بلدان شتّى لم يدخلها، فأفسد الأوّل والآخر. ولمّا دخلت هراة كان بها، فقصدني وطلب شيئا من حديث المكّيّين والمصريّين، فأخرجت له عن مشايخنا بمكّة ومصر، فكتب أحاديث. فبعد أيّام بلغني أنّه يحدّث من المشايخ الذين حدّثته عنهم.

فبلّغت القصّة إلى شيخ البلد أبي إسماعيل عبد الله بن محمّد الأنصاريّ فسأله عن لقاء هؤلاء الشيوخ بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا المقدسيّ منهم.

فسألني الشيخ فقلت: ما رأيته قطّ إلّا في هذه البلدة.

فقال له الشيخ: حججت؟

قال: نعم.

قال: فما علامة عرفات؟

[٥٠ ب] قال: دخلنا بالليل.

قال: يجوز. فما علامة منى؟

قال: كنّا بها بالليل.

فقال: ثلاثة أيّام وثلاث ليال لم يصبح بكم الصبح؟ لا بارك الله فيك!

وأمر بإخراجه من البلد وقال: هذا دجّال من الدجاجلة!

ثمّ انكشف أمره بعد ذلك، فلحقه شؤم الكذب وعقوق المشايخ حتى صار آية في الكذب.

وكان يكذب (١) لنفسه ولغيره بالإجازات. كان له جزء وإجازات المشايخ ويلحق فيه في كلّ وقت أسماء أقوام من أهل الثروة ويكتب لهم عن أولائك المشايخ أحاديث تقرأ عليهم ويشحذهم (٢) بها. فقال لي أبو محمد السمرقنديّ: إلى هذا الخبيث إيش تفعل وأنا بأصبهان؟

قلت: نعم.

قال: كدت أن آخذ الجزء منه ولا أعيده إليه.

فاستعار منه الجزء الذي فيه إجازات المشايخ وخطوطهم، وقد ألحق فيه على الحواشي أسماء عدّة من الناس ممّن لم يكن له ذكر في صدر الاستدعاء. وحبسه ولم يردّه عليه.

ثمّ ترك الاشتغال بالحديث واشتغل بالشحذ، وكشف قناع الوقاحة حتى إنّه كان يدخل على أهل الثروة للتعازي والتهاني ويروي لهم الأخبار ويفوز منهم بالقدر النزر، فلا يعتمد على روايته إذا روى ولا على إجازاته له ولغيره لكثرة تخليطه فيها وكذبه.

قال المقدسيّ: سمعت أبا طاهر حمزة بن الحسين الروذورديّ يقول: كنّا يوما في حجرة لفضل الصيدلانيّ، وكان معنا إبراهيم- يعني هذا- فقال إبراهيم: أتعرفون هذا؟

[قلنا: لا].

قال: أنا وضعت [هـ] الساعة.

قال ابن السمعانيّ: توفّي سنة ثلاثين وخمسمائة، وكان كذّابا يقلب المتون.

وزاد غيره: في شوّال بأصبهان.


(١) لعلّها: يكتب.
(٢) أي يسألهم العطاء ملحّا ومغالطا، فعل الشحاذين.

<<  <  ج: ص:  >  >>