للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والآخر يخلق الظلمة. فولد ديصان ميمون القدّاح، وإليه تنسب الميمونيّة، وكان له مذهب في الغلوّ- يعني في التشيّع- فولد لميمون عبد الله بن ميمون، وكان أخبث من أبيه وأمكر، وأعلم بالحيل، فعمل أبوابا عظيمة من المكر والخديعة على بطلان الإسلام، وكان عارفا عالما بجميع الشرائع والسنن وجميع علوم المذاهب كلّها. فرتّب سبع دعوات يتدرّج الإنسان من واحدة إلى أخرى فإذا انتهى إلى الدعوة الأخيرة جعله معرى من جميع الأديان لا يعتقد غير تعطيل الباري تعالى وإباحة أمّة محمد عليه السلام وغيرهم من الأمم، ولا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا، وما هوّنت نفسه لا يرجع عنه. ويقول إنّ أهل مذهبه على هدى وأنّ المخالفين لهم في ضلال وغفلة. وكان يريد بهذا أن يجعل المخدوعين أمّة له ويستمدّ من أموالهم. وفي الظاهر يدعو إلى الإمام من آل الرسول، محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ليجمعهم عليه. وقد كان طلب أن يتنبّأ قبل ذلك بشعوذة فلم تتمّ له الحيلة.

(قال) وأصل عبد الله بن ميمون وآبائه من موضع بالأهواز. ونزل عبد الله عسكر مكرّم (١)، واكتسب بهذه الدعوة مالا. وكان يتستّر بالتشيّع والعلم، وصار له دعاة. ثمّ هرب من المعتزلة (٢)

ومعه من أصحابه الحسين الأهوازيّ. ونزل البصرة وقال: أنا من ولد عقيل بن أبي طالب، داع إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر.

فلمّا انتشر خبره طلبه العسكريّون، فهرب ومعه الحسين ونزلا سلميّة من أرض الشام. فأقام بها عبد الله بن ميمون، وخفي أمره حتى ولد له أحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح. فقام بعد موت أبيه في ترتيب الدعوة، وبعث الحسين الأهوازيّ داعيته إلى العراق فلقي حمدان بن الأشعث قرمط بسواد الكوفة فدعاه حتى استجاب له- وكان منه مذهب القرامطة على ما ذكرته في ترجمة أحمد بن الحسين بن أبي سعيد الجنّابيّ من هذا الكتاب (١*).

(قال) ثمّ ولد لأحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح الحسين ومحمّد المعروف بأبي الشلعلع، وهلك (٢*) فخلفه ابنه الحسين في الدعوة حتّى مات. فقام بالدعوة أخوه محمد بن أحمد المعروف بأبي الشلعلع. وكان للحسين ابن اسمه سعيد تحت حجر عمّه أبي الشلعلع (٣*). فبعث أبو الشلعلع بأبي عبد الله الشيعيّ [٢١٢ أ] وأخيه أبي


(١) الشكل من المقريزي نفسه، والنسخة بخطّه، أمّا ياقوت فرسمها «مكرم» بضمّ فسكون ففتح، ونسبها إلى بعض أتباع الحجّاج بن يوسف اسمه مكرم بن معزاء، ونسب إليها أبا هلال العسكري.
(٢) نقول المقريزي في الاتّعاظ، ٢٩، أكثر تفصيلا ووضوحا: «وصار له دعاة، وظهر ما هو عليه من التعطيل والإباحة، والمكر والخديعة، فثارت به الشيعة والمعتزلة، وكبسوا داره، ففرّ إلى البصرة ... ». وانظر الملاحظة الهامّة من المرحوم الشيّال في الهامش ٤ من ص ٢٩ من اتّعاظ الحنفاء.
(١*) انظر ترجمة الأعصم القرمطي في هذا الكتاب (رقم ١١٤٦).
(٢*) الهالك هو أحمد بن عبد الله كما في الاتّعاظ، ٣٠: ثمّ هلك أحمد فخلفه ابنه الحسين.
(٣*) في الفهرست، ٢٣٨: ولد لعبد الله بن ميمون ثلاثة بنين:
أحمد ومحمد والحسين، وولد لمحمّد ابن اسمه أحمد ولقبه أبو الشلعلع، وولد للحسين ابن اسمه سعيد. فأبو الشلعلع هو ابن عمّ سعيد، لا عمّه كما في رواية ابن رزام التي ينقلها المقريزي هنا.
وفي الخطط، ٢/ ١٩ - أنّ سعيدا هو ابن أحمد بن عبد الله. وهو خطأ من النسّاخ لأن المقريزي يقول بعدها بقليل: وإنّما هو سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>