للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعرضت لي فكرة يوما في ذلك وذكرت قول الفهري [الهزج]:

ألا يا شيعة الحقّ ... ذوي الإيمان والبرّ

أتتكم نصرة الله ... على التخويف والزجر

فلا تدعوا إلى الداعي ... ن أهل النكث والغدر

فلو قد فقد العاش ... ر أو زيد على العشر

لدارت عصب الضرّ ... على الدائر بالشرّ

فعند الستّ والتسعي ... ن قطع القول والعذر

لأمر ما يقول النا ... س: بيع الدرّ بالبعر

وصار الجوهر المكنو ... ن علقا غير ذي قدر

يتيم كان خلف البا ... ب فانقضّ على الوكر (١)

قوله اليتيم ههنا رمز على المهديّ. (قال أبو القاسم) فرأيت الوقت قد قرب على ما قاله الفهريّ. فخرجت إلى دجلة ثمّ أخذت في قراءة سورة الكهف فإذا شيخ يمشي معه رجل ما نظرت

إلى أحد يملأ قلبي هيبة قبله. فجلس ناحية وجلس الرجل بين يديه. وأقبل غلام فقرب منّي، فقلت:

من أنت؟

فقال: حسينيّ.

فاستعبرت وقلت: بأبي الحسين المضرّج بالدماء، الممنوع من هذا الماء!

فرأيت الشيخ نظر إليّ وكلّم الرّجل الذي بين يديه فقال لي الرجل: تقدّم إلينا!

فقمت وجلست بين يديه. فقال لي: من أنت؟

قلت: رجل من الشيعة.

قال: ما اسمك؟

قلت: الحسن بن فرح بن حوشب.

قال: أعرف أباك من الشيعة الاثني عشريّة.

قلت: نعم.

قال: وأنت منهم؟

قلت: كنت على ذلك إلى أن بطل الأمر في أيدينا.

فقال: سمعتك تقرأ، فاقرأ كما كنت تقرأ!

(قال) فابتدأت من حيث وقفت حتّى بلغت فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ [الكهف: ٧٤]. قال:

أنت ممّن يقول بالعدل والتوحيد؟

قلت: نعم.

قال: فمن أيّ وجه العدل أن تقتل نفس زاكية بغير نفس إلّا لقوله (١*): فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً [الكهف: ٨٠]؟


الحسن العسكريّ بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، أي الثاني عشر من الأئمة بعد علي بن أبي طالب فالحسن فالحسين فعلي زين العابدين فمحمّد الباقر إلخ.
(١) نقل الداعي إدريس في كتابه «عيون الأخبار» ص ٥١ من طبعتنا «تاريخ الخلفاء الفاطميّين بالمغرب «بيروت ١٩٨٥، أبياتا من هذه المقطوعة، وقد حاولنا هناك التعريف بالفهريّ وكذلك في كتابنا: «الأدب بإفريقيّة في العهد الفاطميّ».
(١*) في الافتتاح، ٧/ ٣٦: إلى قوله ... ونصّ المقفّى أثبت:
فالاحتجاج مبنيّ على الاستثناء كما فهم فانيان، أي: لا حجّة للخضر عليه السلام إلّا خشيته لما سيؤول إليه أمر الغلام. وما سبق أداة الاستثناء ليس من لفظ الآية وإنّما هو من معناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>