يتضمّن بعض التراجم التي لا علاقة لها مبدئيّا بحرف الميم ولا حتّى بما تبقّى من حرفي الكاف واللام، وهي تراجم أحمدين وبراهمة أولى بها أن تكون في القسم التركيّ من الكتاب، وهي منقولة فعلا في مخطوط السليميّة، فألغيناها من مجلّدنا الخامس هذا واكتفينا بما ورد منها في المجلّد الأوّل، بعد مقابلة النصّين بالإكمال والإصلاح.
ولكنّ هذا الإلغاء لا يجيب عن سؤال محيّر: ما علاقة مخطوط السليميّة، المنسوخ عن مسوّدة كما بيّنّا، ولكن لا ندري ما هي، بمسوّدة ليدن هذه في جزءها الأوّل؟ هل نقل الناسخ تراجم إبراهيم وأحمد عن هذا الجزء فسلمت منقولاته من البعثرة والضياع اللذين لحقا بالمسوّدة المقريزيّة فيما بعد، وبالتالي تكون هذه التراجم- التي تبدو لنا اليوم محوّله عن أماكنها- بقيّة باقية ممّا أتلف بسبب الانفجار والحريق؟ وفي هذه الصورة، نكونقد افترضنا أنّ مسوّدة هولندا كانت تشمل في الأصل كامل حرف الهمزة على الأقلّ؟ ولكن، من جهة أخرى، كيف نفسّر اختلاف النصّ في الترجمة الواحدة بين الأصل الهولندي المفترض ونسخته التركيّة إن كانت نسخت عنه، وهو اختلاف يصل إلى حدّ التضارب أحيانا؟
فهذه مشاكل كثيرة لا نقدر على اقتراح حلول لها، ما دمنا نجهل كما أسلفنا، حجم الكتاب الحقيقيّ بين ما زعمه السخاوي- ١٦ جزءا- وما نقله من كلام المؤلّف- ٨٠ جزءا- وحقيقة ما أنجز من هذه الأجزاء الثمانين، وحدّ الجزء، بكم ورقة يقدّر؟ وممّا يزيدنا حيرة أنّ المقريزيّ في غضون التراجم، يشير إلى تراجم سابقة- أو لاحقة وهو أغرب- بعبارة تفيد أنّها أنجزت، وأدرجت في الكتاب، ومع ذلك لا نجدها في حرفها من الأقسام التي وصلت إلينا.
فعسى أن ينكبّ الدارسون على هذه المعضلة بعد ظهور المقفّى بأجزائه الثمانية، والله وليّ التوفيق (١).
تونس في ٥ جوان ١٩٨٩ محمد اليعلاوي
(١) لقد وجدنا عند الصديق البشير البكوش الباحث القدير والمحقّق الثبت كلّ العون والتوجيه والتصويب والتدقيق ولا سيّما في تراجم الإفريقيّين والصقلّيّين وأهل المغرب بوجه عامّ، فإليه منّا الشكر والامتنان.