للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاعترف بذلك وقال: قد قلته.

فأمر أبو تميم- يعني المعزّ لدين الله- بسلخه فسلخ وحشي تبنا وصلب (١).

[٧٥ أ] وكان من خبر أبي بكر ابن النابلسيّ أنّ جوهرا القائد لمّا قدم إلى مصر وبنى القاهرة، جهّز القائد جعفر بن فلاح لأخذ الشام، فقاتل الحسن بن عبيد الله بن طغج بالرملة وأخذه، وعاثت عساكره فيما هنالك. وتوجّه إلى دمشق فقاتله أهلها كما ذكر في خبره (٢).

وقدم الحسن بن أحمد [الأعصم] القرمطيّ باستدعاء أهل دمشق له وصاروا في جملته، فمضى إلى مصر وكان من خبره ما ذكر في ترجمته (٣)، فلمّا انهزم مضى القائد أبو محمود إبراهيم بن جعفر بن فلاح من قبل المعزّ لدين الله لأخذ دمشق وبها ظالم بن موهوب العقيليّ، وقد غلب أبا المنجّى خليفة القرمطيّ وأخذ منه دمشق وسجنه هو وابنه وعدّة من أصحاب القرامطة (٤).

وصار النابلسيّ إلى دمشق فرارا من القائد أبي محمود عند ما استولى عليها، وقد كان النابلسيّ قدم بالرملة عند ورود القرمطيّ ودعا إلى قتال المعزّ. فلمّا نزل أبو محمود على دمشق لثمان بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة قبض ظالم بن موهوب على النابلسيّ وأخرج

به (٥)، ومعه أبو المنجّى نائب القرمطيّ على دمشق وولده، إلى أبي محمود فعمل كلّ واحد منهم في قفص من خشب، وحملهم إلى المعزّ.

قال ابن زولاق في كتاب سيرة المعزّ لدين الله أبي تميم معدّ:

ولأربع خلون من ذي القعدة- يعني ثلاثة وستّين وثلاثمائة، وصل ابن النابلسي وأبو المنجّى وابنه ونيف وعشرون رجلا من القرامطة، فطيف بهم على الإبل بالبرانس والقيود. وكان ابن النابلسيّ ببرنس مقيّد [ا] على جمل [و] خلفه رجل يمسكه، والناس يسبّونه ويشتمونه ويجرّون برجله من فوق الجمل، واشتغلوا بسبّه عن الذين كانوا معه. فلمّا فرغ التطواف وردّوا إلى القصر، عدل بأبي المنجّى (٦) وابنه ومن معهما من القرامطة إلى الاعتقال، وعدل بابن النابلسيّ إلى المنظر (٧) ليسلخ. فلمّا علم بذلك رمى نفسه على حجارة ليموت، فردّ وحمل على الجمل، فعاد ورمى نفسه فردّ وشدّ وأسرع به إلى المنظر فسلخ وحشي جلده تبنا، ونصبت جثّته وجلده على الخشب عند المنظر (٨).

وروى الحافظ السّلفي (٩) عن محمد بن عليّ الأنطاكي قال: سمعت ابن الشعشاع المصريّ يقول: رأيت أبا بكر النابلسيّ بعد ما قتل، في


(١) تتوقّف الترجمة هنا، وتأتي تراجم أخرى في الصفحات الموالية وتستأنف ترجمة ابن النابلسي في الورقة ٧٥ أ.
وفي هامش الورقة ٧٠ كتبت هذه الإضافة: كان بمصر أيّام كافور الإخشيديّ، فلمّا قدم جوهر خرج منها إلى الرملة خوفا على نفسه لما [صدر] منه في حقّ الشيعة من الإنكار لمذهبهم.
(٢) انظر ترجمة جعفر بن فلاح (رقم ١٠٧٨).
(٣) انظر ترجمة الأعصم القرمطي (رقم ١١٤٦).
(٤) انظر تفصيل الحرب بالشام في ترجمة إبراهيم بن جعفر ابن فلاح رقم (٩٨).
(٥) عدّى الفعل بالحرف أيضا لأنّ المعنى: وأخرج جيشا أو رفقة به، أي بابن النابلسي.
(٦) أبو المنجّى: في الاتعاظ، ٢٤٩، واسمه عبد الله بن عليّ.
(٧) المنظر: يبدو أنه ميدان يشرف عليه قصر الخليفة، والمقريزي في الخطط يذكر «المنظرة» وخصّص لهذه المناظر بابا.
(٨) في منتظم ابن الجوزي- تحت سنة ٣٦٥ - وصف مطوّل لسلخ ابن النابلسيّ، ومقارنة بين قساوة العبيديّ وشفقة اليهودي الذي أوكل إليه عملية السلخ.
(٩) السلفي (ت ٥٧٦): انظر ترجمته رقم ٦٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>