للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علي ابن فضل الله كاتب السرّ، وسلكا عبر الدرب حتّى قدما في خامس عشرين صفر سنة ثلاث وأربعين [وسبعمائة]. فخلع عليهما، واستقرّا على وظائفهما، إلى أن تنكّر عليه الأمير آقسنقر السلاريّ نائب السلطنة بعد قليل، من أجل أنّه نقل عنه أنّه يسعى به عند السلطان. فعيّن لنظر الخاصّ شمس الدين موسى ابن التاج إسحاق بعناية الخدّام به، وعيّن أمين الدين إبراهيم يوسف ابن كاتب طشتمر لنظر الجيش، وقرّر لبسهما في يوم الاثنين حادي عشرين جمادي الآخرة. فقام في مساعدته الأمير أرقطاي، والأمير سنجر الجاولي، والحاج آل ملك، حتى استقرّ على وظيفته ليحمل مائة ألف دينار، وخلع عليه. فحمل بعض ذلك وسومح فيما بقي منه.

وخلع عليه في ثاني عشرين شعبان، واستقرّ مشيرا [ل] لدولة بسؤال الوزير نجم الدين محمود بن عليّ بن شروين في ذلك لتوقّف أحوال الدولة. وكتب له توقيع لقّب فيه بالجناب العالي، ولم يلقّب أحد من المتعمّمين قبله سوى الوزير فقط، فصار يطلع بكرة النهار إلى باب القلّة من قلعة الجبل، ومعه الوزير، فيصرفا [ن] الأشغال، ويطلبا [ن] الضمان للجهات. فعظمت مكانته وكبر اختصاصه بالسلطان الملك الصالح إسماعيل.

وعزم على أن يأخذ إمرة مائة ويخلع زيّ الكتّاب، ويتزيّى بزيّ الأمراء، وأتقن ذلك مع السلطان.

فشقّ هذا على الأمراء، وكان قد تغيّر عليه الأمير أرغون العلائيّ زوج أمّ السلطان ومدبّر دولته، بسبب إقطاع طلبه لبعض الزامه، فبعث إليه جمال الكفاة بأنّ السلطان قد أخرجه. فغضب من ردّ رسالته وقال: قد قوي هذا الرجل حتّى ما بقي يعطي إقطاعا إلّا بالبرطيل.

وبعث إليه بحياصة ذهب وقال لحاملها: قل له [٦٦ ب]: أنت ما بقيت تعطي شيئا إلّا بالبرطيل، وهذه الحياصة برطيلك. خذها واقض شغل هذا الرجل!

فتمادى على ما هو عليه، وكلّم (١) السلطان حتّى قال للعلائيّ: أنا أخرجت هذا الإقطاع.

فأسرّها العلائيّ في نفسه وأخذ في استمالة الأمراء عليه. فقام معه الأمير سيف الدين الحاج آل ملك النائب والوزير نجم الدين، ورموه بأنّه كان يباطن الناصر أحمد ويكاتبه وأنّه قد حكم الدولة واستولى على أموالها، وأنّه يشي بالأمراء إلى السلطان ويثلم أعراضهم عنده. وأخذ الوزير في مكيدته بأن عرّف السلطان والأمير أرغون بأنّ جميع ما يكون بين السلطان وبين حظيّته اتّفاق العودية (٢) تحدّث به جمال الكفاة فيخبر به الوزير عنها، ونقل عنه من ذلك شيئا تحقّق به صدق الوزير، فتغيّر على جمال الكفاة، ووافق الأمير أرغون وحزبه على القبض عليه، وسلّت نعمته، وتقدّم إلى الأمراء أن لا يكلّموه في أمره.

وقبض عليه في يوم الأربعاء ثامن عشر صفر سنة خمس وأربعين. وقبض معه على الموفّق ناظر الدولة، وعلى الصفيّ ناظر البيوت. وأوقعت الحوطة على دوره وأمواله ودور من قبض معه عليه، وعوقبوا، وعوقب أولادهم، وعصرت نساؤهم. وعنّي الوزير بالموفّق فتلطّف أمره.

واستمرّت العقوبة على جمال الكفاة حتّى ضرب مرّة مائة وعشرين شيبا (٣)، وسلّم للمقدّم خالد فدخل عليه وهو في ذلك الكرب الشديد، وخنقه في ليلة الأحد سادس ربيع الأوّل. فحمل على جنوية (٤)


(١) في المخطوط: وكلّف.
(٢) في النجوم ١٠/ ١١٩: اتّفاق العوّادة السوداء.
(٣) الشّيب بالكسر: ضربة السوط.
(٤) الجنويّة: سياج من ألواح (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>