للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا فليس بأياديّ، واسم جدّه شدّاد. (قال): ولي القضاء- يعني بمصر- من قبل أبي إسحاق المعتصم، قدم بولايته أبو الوزير صاحب الخراج يوم الأربعاء [١٩٥ أ] لثلاث عشرة خلت من ربيع الأوّل سنة ستّ وعشرين ومائتين، وجلس في المسجد الجامع يوم الاثنين لثنتي عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر. وأخبرني ابن قديد عن يحيى بن عثمان أنّ دخول محمد بن أبي الليث مصر كان سنة خمس ومائتين وكان مقيما بها إلى أن ولي.

وكان قبل دخوله إلى مصر ورّاقا على باب الواقديّ. وكان فقيها بمذهب الكوفيّين. سألت ابن قديد: لم كنّى محمد بن أبي الليث أباه، ولم يقل: محمد بن الحارث؟

فقال: كان محمد بن الحارث بن النعمان على قضاء فلسطين، ومحمد بن أبي الليث على قضاء مصر، فكان الكتاب إذا ورد من العراق قال كلّ واحد منهما: الكتاب إليّ. فانفرد محمد بن أبي الليث بكنية أبيه عن [ابن النعمان] الإياديّ.

(وقال): أخبرني محمد بن عبد الصمد عن أبي خيثمة عليّ بن عمرو بن خالد قال: لمّا استخلف الواثق، ورد كتاب على محمد بن أبي الليث بامتحان الناس أجمع، فلم يبق أحد من فقيه ولا محدّث ولا مؤذّن ولا معلّم حتّى أخذ بالمحنة، فهرب كثير من الناس، وملئت السجون ممّن أنكر المحنة. وأمر ابن أبي الليث بالاكتتاب على المساجد: «لا إله إلّا الله ربّ القرآن وخالقه».

فكتب بذلك على المساجد بفسطاط مصر [ومنع الفقهاء من أصحاب مالك والشافعيّ من الجلوس في المسجد وأمرهم أن لا يقربوه] (١).

ثمّ بعد ذلك سجن القاضي، إلى أن قدم يزيد

التركيّ رسولا من قبل المتوكّل في استخراج أموال الجرويّ. فأخرج ابن أبي الليث من سجنه وأمره بالحكومة على بني عبد الحكم (٢)، فحكم عليهم.

(قال): ولمّا ولي المتوكّل رفع إليه في ابن أبي الليث، فبعث قوصرة (٣) مكشّفا عنه. فكتب قوصرة بما صحّ عنده من أمره. فأتى كتاب المتوكّل بحبسه واستقصاء ماله، فأمر قوصرة بحبس ابن أبي الليث وأولاده وأصحابه وأعوانه، فاستقصيت أموالهم كلّهم. ووثب أهل مصر على مجلس ابن أبي الليث فرموا خصّه وغسلوا مواضعه بالماء، وذلك يوم الخميس لثنتي عشرة بقيت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين، وعزل يومئذ.

وورد كتاب المتوكّل يأمر بلعن محمد بن أبي الليث، فلعنه مكرم بن حاجب [الإمام] على المنبر ولعنته العامّة على إثر ذلك يوم الجمعة لأربع بقين من شعبان.

فكانت ولايته عليها تسع سنين. فأقام في السجن إلى يوم الأربعاء سلخ ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين ومائتين فأمر بتخليته من سجنه [١٩٥ ب] وذلك يوم الخميس، وخلّى أولاده وأصحابه، وأمر بالحكومة في أموال الجرويّ على ما ثبت عنده فحكم.

ثمّ ورد كتاب المتوكّل بردّه وأصحابه إلى السجون، فردّوا وقبضت أموالهم.

ثمّ ورد كتاب المتوكّل بحلق رأسه ولحيته


(١) الزيادة من الكندي ٤٥١.
(٢) بنو عبد الحكم امتحنوا بخلق القرآن وصودروا. انظر دائرة المعارف الإسلاميّة ٣/ ٦٩٦. والجروي هو عبد العزيز بن الوزير بن صابي الثائر على ولاة مصر (ت ٢٠٥)، الكندي ١٥١ - ١٥٩، الخطط ١/ ١٧٨، ٢١٢.
(٣) الكندي ٤٦٢: واسمه يعقوب بن إبراهيم، ولي بريد مصر سنة ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>