للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام. هاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشيّة العامريّة إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك محمد بن أبي حذيفة. ثمّ قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكّة. فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبيّة والمشاهد كلّها، وقتل يوم اليمامة شهيدا وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة.

فكفل عثمان بن عفان رضي الله عنه محمد بن أبي حذيفة بعد أبيه، وكان في حجره فربّاه وأحسن تربيته. وقدم عليه مرّة فأجازه بمائة ألف درهم (١).

... [١٩٩ أ] وكان فيما قيل قد أصاب شرابا فحدّه عثمان. ثمّ تنسّك محمد وأقبل على العبادة.

وطلب من عثمان أن يولّيه عملا بعد ما بويع بالخلافة، فقال: لست هناك، ولو كنت أهلا لذلك لولّيتك.

فقال: إنّي ركبت في غزو البحر فائذن لي في إتيان مصر. فأذن له وجهّزه. فلمّا قدمها رأى الناس عبادته فلزموه وعظّموه، حتّى قدم عبد الله ابن السوداء [ابن سبأ] ودعا إلى بدعته، [ف] كان من أوّل من اشتمل عليه محمد. ثمّ خرج مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في غزوة ذات الصواري، فبدأ يتكلّم في عثمان ويظهر عيبه هو ومحمد ابن أبي بكر ويقولان: قد خالف أبا بكر وعمر واستعمل عبد الله بن سعد، رجلا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أباح دمه ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قوما من المدينة فأدخلهم إليها، ونزع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستعمل

سعيد بن العاصي وابن عامر.

فبلغ ذلك ابن أبي سرح فقال: لا تركبا معنا! - فركبا في مركب ما معهما إلّا القبط ولم يقاتلا.

فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع ابن أبي سرح الذي استعمله عثمان، وقد فعل عثمان كذا وكذا؟

فبعث ابن أبي سرح يتهدّدهما فلم يرجعا.

وكان محمد ركب مع كعب الأحبار في سفينة، فقال محمّد يهزأ به: تجد في توراتك مجرى هذه السفينة؟

فقال: أجد في توراتي غلاما من قريش أشعر الإليتين يصبر كما يضبر الحمار في قيده فيقتل، وإيّاك أن تكونه!

وفسد الناس بمصر على عثمان لقول محمد بن أبي حذيفة وعبد الله ابن السوداء وتكلّموا بما لم يكونوا ينطقون [١٩٩ ب] به. فكتب ابن أبي سرح إلى عثمان أنّ محمد بن أبي حذيفة قد أفسد عليّ البلاد هو ومحمد بن أبي بكر. فكتب إليه: أمّا ابن أبي بكر فإنّه يوهب لأبيه ولعائشة. وأمّا ابن أبي حذيفة فإنّه ابني وابن أخي وهو تربيتي وفرخ قريش.

فكتب إليه أنّ هذا الفرخ قد استوى ريشه ولم يبق إلّا أن يطير.

فبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة. فوضع ذلك في المسجد وقال: يا معشر المسلمين، ألا ترون إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه؟

فازداد أهل مصر تعظيما له وطعنا على عثمان وبايعوه على رئاستهم. فكتب إليه عثمان يذكّره برّه وتربيته إيّاه وقيامه بشأنه، ويقول: إنّككفرت إحساني أحوج ما كنت إلى شكري.


- أربعين نفرا. انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٢١٥١.
(١) تتواصل الترجمة بكلام لا صلة له بما سبق: ... بمائة ألف درهم سعد بن أبي سرح من مصر. فانتقلنا إلى الصفحة ١٩٩ أالموالية حيث يتواصل الكلام بصفة منتظمة منطقيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>