للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمّد بن عمر بن أبي القاسم، أبو عبد الله، وأبو سالم، القرشيّ، العدويّ، العمريّ، النصيبنيّ، الشافعيّ، كمال الدين.

مولده يوم عاشوراء سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بقرية العمريّين من عمل نصيبين. قرأ القرآن بالروايات على محمود بن بدر. وسمع بخراسان في رحلته إليها لطلب العلم من المؤيّد الطوسيّ جميع صحيح مسلم عن الفراويّ، وسمع من القاسم بن الصفّار، وزينب الشعريّة. وبرع حتّى صار أحد العلماء المشهورين والأئمّة المفتين، يرجع إليه في الفقه والأصول والخلاف.

وقدم إلى مصر رسولا في الدولة العادليّة، وتردّد إلى القاهرة غير مرّة إحداها في سنة ستّ وثلاثين وستّمائة. وحدّث بها بكتاب برّ الوالدين للبخاري. وسمع منه الحافظ أبو محمّد الدمياطيّ بقراءته عليه كتاب الوسيط في التفسير بسماعه من المؤيّد الطوسيّ بسماعه من عبد الجبّار بن محمّد الجواديّ عن الواحديّ، وقال فيه: الفقيه المفتي المنعوت بالكمال: رحل إلى خراسان في طلب الفقه والعلم، وسمع بشاوباج نيسابور صحيح مسلم من المؤيّد. وكان إماما عالما بالفقه والأصول والخلاف وغير ذلك، مفتيا على مذهب الشافعيّ، معظّما. ولي الوزارة بدمشق [٢٨٨ ب] يوما أو يومين، ثمّ تركها وخرج عن مركوبه وملبوسه وتزهّد في الدنيا وأقبل على عبادته، إلى أن توفّي.

وقال القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر: لمّا ملك الملك الناصر يوسف بن عبد العزيز دمشق سنة ثمان وأربعين وستّمائة، قدم كمال الدين ابن طلحة إلى دمشق، فعرض عليه الناصر وزارته. فبات تلك الليلة فرأى في منامه والده وهو يقول: يا محمّد! - ويتلو قوله تعالى:

وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى * نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى [طه: ١٣١ - ١٣٢]. فلمّا أصبح أعتق عبيده، ولبس ثياب الزهّاد، وخلع الطيلسان.

وانقطع عن السلطان. (قال): وكان يكتب في خطّه: «العمريّ» موهما أنّه من ولد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وليس كذلك. بل إنّه ولد بالعمريّة قرية من قرى نصيبين.

توفّي بحلب يوم السبت السابع والعشرين من رجب سنة اثنتين وخمسين وستّمائة.

ومن شعره [الوافر]:

إذا حكم المنجّم في القضايا ... بأمر جازم فاردد عليه

فليس بعالم ما الله قاض ... فقلّدني ولا تركن إليه

وقال [الكامل]:

لا تركننّ إلى مقال منجّم ... وكل الأمور إلى الإله وسلّم

واعلم بأنّك إن نسبت لكوكب ... تدبير حادثة فلست بمسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>