للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا ليتهم إذ خلّفوني مغرما ... جادوا بتوديع لصبّ قد ثوى [٧٣ أ]

ما زلت أبكيهم بدمع سائل ... فإن فقدت الدمع أسبلت الدّما

إذ كان قلبي منذ شطّت دارهم ... في قبضة الهمّ وفي أسوا الجزى (١)

ما كان أحلى عيشتي بقربهم ... وما أمرّ العيش أيّام النّوى

١٠ يا سادة بانوا وقلبي عندهم ... مذ غبتم غاب عن العين الكرى

وإن تغب وجوهكم عن ناظري ... فذكركم مستودع طيّ الحشا

فسوف أسلي عنكم خواطري ... بحمقة يعجب منها من وعى

في طرف نظمتها مقصورة ... إذ كنت قصّارا صريعا للدلا (٢)

فاستمعوها فهي أولى بكم ... من زخرف القول ومن طول المرا:

٥ من صفع الناس ولم يدعهم ... أن يصفعوه مثله، قد اعتدى

من أكحل العين يسوّد فمه ... من نفخ المصباح عمدا انطفا

من نام لم يبصر بعيني رأسه ... ومن يطأطئ رأسه قد انحنى

ومن مشى في السوق لا من فاقة ... منكشف الاست فقد ألقى الحيا

من طاعن الدبس يدبّس كمّه ... ومن مشى مستعجلا فقد سعى

٢٠ من رافس البغل مشى من وقته ... بين الأنام مائلا على عصا

من طالب الناس بما ليس له ... عليهم فحقّه قد ادّعى

من صعد السفح وألقى نفسه ... إلى قرار الأرض يوما ارتدى

ومن طلا بالحبر صحن خدّه ... حكى سواد ليله إذا دجا

من لبس الكتّان في وسط الشتا ... ولم يغطّ رأسه شكا الهوا

٢٥ وألف حمل من متاع تستر ... أنفع للمسكين من لقط النوى

وليس للبغل إذا لم ينبعث ... من الطريق باعث مثل العصا

والذقن شعر في الوجوه نابت ... وإنّما الدبر الذي تحت الخصى

والجوز لا يؤكل مع قشوره ... ويؤكل التمر الحديث باللّبا

والنّدّ لا يعدله في طيبه ... عند النجيب أبدا نشر الخرا

٣٠ من طبخ الديك ولا يذبحه ... طار من القدر إلى حيث اشتهى

من قامر الناس ولم يعطهم ... ما غلبوه فعليهم قد طغى

من أدخلت مسلّة في عينه ... فاسأله من ساعته كيف العمى

من فاته العلم وأخطأه الغنى ... فذاك والكلب على حدّ سوا (٣)


(١) الجزى جمع جزية المعروفة، ولا تتبيّن المعنى من اسوإ الجزى.
(٢) من ألقابه: القصّار ذو الرقاعتين، فالرقاعة إشارة إلى مجونه وسخفه ولا نعرف لم سمّي القصّار.
(٣) قال في الفوات ٣/ ٤٢٥:
وفي آخرها يقول مشيرا إلى ابن دريد:
فتلك كالدرّ يضيء لونها ... وهذه في وزنها مثل الحدا
وأجمع القوم على أنّه عارض بها مقصورة ابن دريد في نحو مائة بيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>