إبراهيم بن أحمد القاري، وأبا إسحاق الحبّال.
وبدمياط أبا القاسم عبد البرّ بن عبد الوهّاب بن برد الدمياطيّ، وبتنيس أبا القاسم المحسّن بن الحسين بن المحسّن التنيسيّ.
وسمع في صباه بالأندلس أبا القاسم أصبغ بن راشد بن أصبغ اللخميّ، وأبا محمد عبد الله بن عثمان، وأبا العبّاس أحمد بن عمر بن أنس العذريّ، وأبا عمر يوسف بن عبد البرّ النمريّ، وأبا محمد عليّ بن أحمد بن حزم، ولازمه [٢١٤ ب] حتى قرأ عليه مصنّفاته، وأكثر من الأخذ عنه وشهر بصحبته وصار على مذهبه، إلّا أنه لم يكن يتظاهر به.
وسمع بدمشق من أبي محمد عبد العزيز الكتّانيّ، وأبي بكر الخطيب البغداديّ، وكتب عنه أكثر مصنّفاته (١).
وسمع بمكّة أبا القاسم سعد بن عليّ الزنجانيّ، وهيّاج بن عبيد الحطّينيّ الزاهد.
وببغداد القاضي أبا الحسين ابن المهتدي بالله، وأبا الغنائم ابن المأمون، وأبا الحسين بن المقوّر، وأبا جعفر ابن المسلمة.
وبواسط، من القاضي أبي تمّام علي بن محمّد بن الحسن، وأبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد.
وأكثر عن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران، وقرأ عليه جملة من كتب الأدب وكتبها.
وأقام بواسط مدّة، ثمّ عاد إلى بغداد واستوطنها، وكتب بها كثيرا من الحديث والأدب وسائر الفنون. وصنّف مصنّفات كثيرة وعلّق فوائد، وخرّج تخاريج لنفسه ولغيره، وحدّث بأكثر مرويّاته.
روى عنه أبو بكر الخطيب أكثر مصنّفاته، وأبو
نصر ابن ماكولا، وجماعة.
وكان إماما من أئمّة المسلمين في حفظه ومعرفته وإتقانه وثقته وصدقه ونبله وديانته وورعه ونزاهته.
قال ابن عساكر: حدّثني يحيى بن إبراهيم: قال والدي أبو طاهر إبراهيم بن أحمد بن محمد السّلماسيّ- وكان قد لقي الأئمّة: لم تر عيني مثل أبي عبد الله الحميديّ في فضله ونبله ونزاهة نفسه وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم وبثّه في أهله. وكان ورعا ثقة، إماما في علم الحديث وعلله ومعرفة متونه ورواته، محقّقا في علم الأصول على مذهب أصحاب الحديث، متبحّرا في علم العربيّة.
وله كتاب «الجمع بين الصحيحين»، وكتاب «جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس»، وكتاب «تاريخ الإسلام»، وكتاب «من ادّعى الأمان من أهل الإيمان»، وكتاب «الذهب المسبوك في وعظ الملوك»، وكتاب «تسهيل السبيل إلى علم الترسيل»، وكتاب «مخاطبات الأصدقاء في المكاتبات واللقاء»، وكتاب «ما جاء من النصوص والأخبار في حفظ الجار»، وكتاب «ذمّ النميمة»، وكتاب «الأماني الصادقة»، وله غير ذلك من المصنّفات، والأشعار الحسان في المواعظ والأمثال، وفضل العلم والعلماء.
وكان من كثرة اجتهاده ينسخ بالليل في الحرّ ويجلس في إجّانة ماء يتبرّد به. قال ابن ماكولا [٢١٥ أ]: أخبرنا صديقنا أبو عبد الله الحميديّ، وهو من أهل العلم والفضل والتيقّظ، لم أر مثله في عفّته ونزاهته وورعه وتشاغله بالعلم.
توفّي ببغداد ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجّة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. وكان أوصى مظفّر
(١) عاش الخطيب مدّة بالشام: الزركلي ١/ ١٦٦.